تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك أيضا عند النحر، وقالوا هذا تأكيد للأصل من توحيد لله عز وجل؛ لأن الناس كانت في جاهلية، وكانوا يذبحون للأصنام والأنصاب والأزلام؛ فجاء بها عليه الصلاة والسلام حنيفية سمحة {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له} وقال الله يعلّمه: {فصل لربك وانحر} فجعل النحر له جل جلاله، فيبدي ذلك ويقول: اللهم هذا منك ولك؛ كما صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اللهم هذا منك: لأنك ملك الملوك، ومالك كل شيء، وبيدك ملكوت كل شيء، وأنت الذي أغنيت، وأنت الذي يسرت وسخرت البعير على عظم خلقته، وما جعل الله في كمال في صورته، يقوده الصبي بتسخير الله عز وجل، ولو هاج البعير كما كان يعرف في القديم على قرية بكاملها قد تفر هذه القرية من صولته وجولته، ولكن الله سخره، وذلله وجعل الصبي يقوده، ولربما يقوده لكي ينحر، وهذا كله من الله سبحانه وتعالى

اللهم هذا منك: فهو الذي خلق، ووهب، ورزق، وأعطى سبحانه وتعالى وتقدست أسماؤه.

فقال اللهم هذا منك ولك: أي خالصا لك؛ لأنه لا ذبح إلا لله، فلا يذبح المسلم إلا لربه؛ قال {قل إن صلاتي ونسكي} والنسك هو الذبح؛ لأن من معاني النسك الذبح؛ كما في الصحيح من حديث كعب بن عجرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال له: ((انسك نسيكة)) أي اذبح ذبيحة، فيقول هذا اللفظ: عني وعن أهل بيتي، وإذا كانت الأضحية وصية من ميت كأن يكون ميت وصى بالثلث أن يضحى عنه، فيقول: هذه عن فلان ويسميه، وللأسف أن كثيراً إلا من رحم الله ضيعوا السنة، ولربما في بعض الأحيان يذبح الذابح ولا يعرف لأي شيء، ولربما التزمت بعض الشركات وبعض المؤسسات بالذبح عن الناس وللأسف أنهم لا يعرفون إلا أن هذه الشاة هدي أو أن هذه الشاة أضحية ثم لا يبيّن أنها لفلان كما ثبتت السنة أن هذه عن فلان وفلان ولم يسم وإنما تذبح هكذا؛ وهذا كله خلاف السنة. السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: ((اللهم هذه عن محمد وآل محمد)) -صلوات الله وسلامه عليه- وقال في الثانية: اللهم هذه عمن لم يضحِّ من أمة محمد -صلوات الله وسلامه عليه- فهذا يدل على أنها سنة تعبدية لابد من التأسي بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيها، وبيان النية، وهذان هما الموضعان اللذان استثناهما الشرع.

قال رحمه الله: [ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم]: ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم: الأصل في الذبح فيه صفة الكمال، وصفة الإجزاء. أما التذكية فإنها تصح من المسلم البالغ العاقل على خلاف في الصبي المميز، والكتابي تصح منه لكن هذا على صفة الكمال إذا كان مسلما بالغا عاقلا. أما إذا كان مجنونا فإنه لا تصح تذكيته، وإذا كان كافرا؛ فإنه لا تصح تذكيته إلا إذا كان كتابيا من اليهود والنصارى وهم الذين استثنى الله U تذكيتهم بشرط أن لا يسمعه يهلّ لغير الله فإذا ذبحها وقال باسم المسيح أو باسم العزير فإنها لا تجزي، في قول جماهير أئمة السلف والخلف - رحمهم الله- إنما يجزئ ما كان في دينهم وشريعتهم مجزئا، وهو ما أهل لله عز وجل. أما إذا أهل لغير الله به فإنه لا يجوز.

إذًا تذكية المسلم وتذكية الكتابي مجزئة، وإذا كان تصح التذكية من المسلم والكتابي فلا تصح من المرتد ولا تصح من المجوسي؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال في المجوس: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم)) وكذلك لا تجوز من أن لا ديني -والعياذ بالله- الملحد فإنه لا تجزئ تذكيته، فإذا كانت من الكتابي والمسلم تصح التذكية؛ فإنه ينظر إلى الأكمل والإجزاء، فالأكمل أن ينحرها ويذبحها مسلم، والإجزاء أن يذبحها الكتابي، فالأفضل والمستحب أن يتولاها المسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير