تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يختبئ للمرأة وينظر إليها إلا إذا غلب على ظنه أنه لا يرد هذا الشرط الأول.

وثانيا: أن تكون المرأة خِلْوًا، يعني ما هي مخطوبة، ويعلم أنها غير مخطوبة؛ لأنها ربما تكون مخطوبة لغيره، ففي طبائع النساء قد يستطيع أن يعرف عجلة المرأة من هدوئها، كمالها في التحفظ من عدم التفاتها في مشيها، وعدم احتكاكها بالرجال، وهذا يعرف في أخذ نظرة الغفلة، بخلاف النظرة المرتبة التي يريد أن يعرف جمالها وصفاتها الخاصة.

أما بالنسبة للنظر غير المرتب فشرطه ما ذكرنا. فإذا تقدم لخطبة امرأة أرسل أمه وأخته، فنظروا إلى المرأة وأعجبتهم، وجاءه من أرسله من قرابته بما يحب، فتقدم خاطبا للمرأة؛ فإنه يرتب لقاؤه بها بحضور محرمها فلا يختلي بها، وتكون هذه النظرة نظرة شرعية بمعنى أن لا تكون بخلوة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((ألا ليخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)) وهذا يدل على حرمة اختلاء الرجل بالمرأة الأجنبية، والمخطوبة أجنبية؛ ولذلك لا يجوز له أن يختلي بها.

أن يكون مثلا والدها موجودا أو أخوها فتأتي مثلا وتحضر شيئا كالشراب أو ضيافة ضيف، حتى لو جلست قليلا ثم انصرفت فلا بأس، فهذه النظرة المرتبة ينبغي أن تكون في الحدود الشرعية وبالضوابط الشرعية.

واختلف العلماء - رحمهم الله - في القدر الذي ينظره من المرأة:

منهم من قال إنه ينظر إلى وجهها وكفيها؛ لأن الوجه يستدل به على الجمال، ويستدل به على طبيعة بشرة المرأة، والكفان يستدل بهما على حالها من الخشونة والرقة ونحو ذلك، وفيهما الغناء، وهذا مذهب الجمهور.

وذهب بعض العلماء كما هو مذهب الحنفية - رحمهم الله - أنه ينظر إلى وجهها وكفيها وقدميها، وعلى هذا نقول: إن الأصل عدم جواز النظر، وأجمع على الوجه والكفين، فيبقى على الأصل المجمع عليه، ويترك ما عداه. فالوجه والكفان فيهما الغناء، وما جاز للحاجة يقدر بقدرها، والحاجة تحصل بالوجه والكفين، فإذا جلست واستنطقها كأن يسألها مثلا عن شيء بالمعروف سؤالا مقبولا فلا بأس بذلك ولا حرج لكي يعرف عقلها أو يعرف نطقها أو يعرف تمييزها وأراد أن يستجلي أمرا فيها فلا بأس بذلك، لكن في الحدود التي يراعى فيها الحشمة، ويراعى فيها الأدب، ولا يزاد على ذلك.

هذا بالنسبة للنظر إلى المخطوبة، وتوسع البعض فأصبحت المرأة إذا خُطبت تخرج مع خطيبها، وتختلي مع خطيبها، ولربما تصافحه وتلمسه، ولربما يقبلها - والعياذ بالله - وكأنها زوجته، هذا كله من المنكرات، وكله من المحرمات، ومن حدود الله عز وجل التي لا تجوز، وعلى الناس أن يتقوا الله عز وجل وعلى ذي المحرم أن يغار على محرمه، وأن يقف عند الحدود الشرعية والضوابط الشرعية؛ ولذلك كم من المصائب والكوارث حصلت في مثل هذا الانفلات والتسيب، وعندها يندم من يفعل ذلك في ساعة لا ينفع فيها الندم، وعلى المسلم أن يتق الله ويتبع سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دون إفراط أو تفريط.

كذلك في المقابل تجد من يحرم ما أحل الله، ويقول: أبدا ما ينظر إلى بنتي، ولا ينظر إلى أختي، ولا ينظر إلى قريبتي، كيف هذا رجل أجنبي! وكيف يدخل عليها وهو ينظر إليها! لا ما يمكن؛ لماذا؟ هذا شرع الله عز وجل، وهذه سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والله تعالى يقول: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}، فعلينا الرجوع إلى السنة والاحتكام إلى هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسنته في هذا الأمر، مادام أنها ثبتت السنة فعلينا أن نرضى وأن نسلم {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير