: الحمد لله رب العالمين، ما بقي شيء إلا وهو ربه ومليكه سبحانه وتعالى.
{رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين} هذه الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لو نزلت على الجبال لانهدت، ولو نزلت هذه الآيات على الرواسي لاندكت، أفلا تستشعر بها هيبة المقام بين يدي الله عز وجل وتقولها بإيمان وعقيدة: {إياك نعبد وإياك نستعين} تستشعر وأنت تقول: {الحمد لله رب العالمين} أن الله يقول: حمدني عبدي، وإذا قلت: {الرحمن الرحيم} قال: أثنى علي عبدي، وإذا قلت: {مالك يوم الدين} قال: مجدني عبدي، فأين تنصرف عن هذا الملك، ملك الملوك وجبار السماوات والأرض، فتكون مستشعرا لهذه المعاني، فإذا قلت: {مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين} قال: ((هذا بيني وبين عيدي ولعبدي ما سأل)).
فإذا جعلت هذه الآيات تؤثر وتقولها بعقيدة وتستشعر معناها تخشع في صلاتك وتخضع بين يدي ربك، ومما يعين على الخشوع والخضوع الخوف من الله عز وجل واستشعار الهيبة بين يدي الله عز وجل.
مما يعين على الخشوع: سؤال الله عز وجل القلب الخاشع؛ ولذلك كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع)).
مما يعين على الخشوع في الصلاة: كثرة ذكر الآخرة؛ ولذلك قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} فوصف الخاشعين في الصلاة أنهم موقنون بلقاء يوم القيامة، فمن وقف بين يدي الله واستشعر أنه ستمر عليه مثل هذه اللحظة وهو ضجيع اللحد والبلى، مرهونا في قبره، تحت رحمة الله جل وعلا؛ هانت عليه الدنيا وما فيها، وأحس بقيمة هذه الصلاة، واستشعر أنها نور له في قلبه ونور له في حشره، ونور له بين يدي ربه.كثرة ذكر الآخرة. وأسباب الخشوع في الصلاة كثيرة، ولكن نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يجعلنا من الخاشعين، اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع، اللهم إنا نعوذ بك من دعاء لا يسمع، ومن عين لا تدمع، ومن علم لا ينفع، ونعوذ بك من هؤلاء الأربع، واجعلنا من الخاشعين، واجعل خشوعنا لوجهك خالصا يا رب العالمين، ثقل موازيننا، ويسر أمورنا، واشرح صدورنا، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[01 - 11 - 07, 11:30 ص]ـ
بهذا الدرس ينتهي شرح فضيلة الشيخ الدكتور/محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي -المدرس بالحرم النبوي الشريف وبجامع الملك سعود بجدة- وهو ضمن شرحه لمتن عمدة الفقه للإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى, وأنبِّه إلى ثلاث أمور مهمة جداً:
1 - هذا الشرح والتفريغ لدروس شيخنا حفظه الله لم يراجعه الشيخ ويعتمدْ إخراجه ولكنَّه في الوقت ذاته لا يمانع من نشره والإفادة به, ولذا فإن جميع ما هو منشور بالكتابة من دروس الشيخ حفظه الله لم يراجعِ الشيخُ ويعتمد منه إلا كتاب الطهارة من زاد المستقنع , والذي راجعه الشيخ وحققه واعتمد إخراجه نهائياً, وقال حفظه الله في خاتمة هذه النسخة المراجعة:
{تمت إعادة صياغة الجمل، والعبارات بما يتناسب مع الشرح الكتابي، وعليه فإن هذا التصحيح يختلف كثيراً عن الأصل المسجَّل، وقد أضيفت فيه بعض المسائل، وحذفت مسائل أخرى كما أضيفت بعض الأدلة، والفوائد التي يقتضيها الحال}
قلتُ: قد يوجد في هذا الشرح وغيره تقديمٌ او تأخيرٌ أو حذف أو نقص , وذلك كما أشار الشيخ حفظه الله في تصحيحه لنسخة الزاد {وبعد قراءة المذكرات تبين وجود الحاجة إلى تصحيحها نظراً إلى أن الشرح كان إلقاءاً، ولم يكن كتابة}
قلتُ: ولا يخفاكم الفرق الكائن بين حاليْ الإلقاء والتأليف.
2 - حبذا لو سعى كلٌ منا حسب استطاعته إلى إفادة الغير في الملتقيات العلمية والطلابية وغيرها بهذا الشرح لتعم به الفائدة والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً والدال على الخير كفاعله, وليست تلكم الدعوة تعصباً أو تحزباً ولكن:
أ/ لأن هذا متنٌ مختصرٌ في الفقه وشرحه يفهمه كثير من الناس ويسهل عليهم استيعابه.
ب/لأنَّ شارحه حفظه الله جعله للمبتدئين في طلب العلم وحرص على أن لا يشوش أذهانهم بالخلافيات والمذاهب ومن سمع للشيخ شرح البلوغ والزاد أيقن بذلك.
ج/أن حاضري هذا الشرح لم يكونوا من مدينة واحدة أو مدرسة أو جامعة , بل كانوا من شتى أقطار العالم في حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومن طلبة الجامعة أيضاً فيحرص الشيخ على تبيين أحكام تكثر الأسئلة عنها في بلدانهم ويحرصون هم على سؤال الشيخ عن مسائلَ تهمُّهم ولا تقع في المملكة, ومن ذلك مثلاً ثناؤه حفظه الله على تدريب الحجاج على الانتظام في الرمي وهم في بلدانهم وإشادته بالجالية التي يشهد لها كل العالم بالانضباط في الحج ولولا مخافة التقدم بين يدي الشيخ لسميتها ولكنَّ الأغلب يعرفها.
3 - أرجو من كل من أفاد أو استفاد أو قرأ أو دلَّ على هذه المادة العلمية ان لا ينسى شيخنا حفظه الله من الدعاء له ولوالديه وأن يبارك الله له في علمه وينفعه بما علمه ويزيده علماً ويحميه من ظاهر الفتن وباطنها وأن لا يحرمه اجر ما قدَّم وأن يزينه بزينة الإخلاص.
كما أرجو الدعاء لي بالهداية إلى الصراط المستقيم الموجب لرضى الله ورحمته, والدعاء بالعلم النافع المورث للعمل الصالح وصلاح النية والذرية والعافية في الدارين ,وللداعي بالمثل إن شاء الله, والله أعلم
¥