تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما التخرص فهو وصف لا يجوز لعاقل ان يصف به غيره إلا اذا كان لديه علم يقيني فيما يرى تخرص غيره فيه. ولاشك ان فضيلته من الأميين في علم الفلك فكيف يجيز لنفسه الحكم على أهل علم بتخرصهم فيما يقولونه عن علمهم والحال انه لا يعرف شيئاً من ذلك العلم؟ وياليته يأخذ بتوجيه رب العالمين حيث يقول: "فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون" والذكر هو العلم او هو من معانيه. والله أعلم.

ومن قبيل التنزل مع فضيلته في ان احكام علم الفلك محل تخرص وشك وارتياب لا سيما اذا جاءت هذه الانباء عن هذه الاحكام ممن ليس معروفاً بالعدالة والتقى والصلاح فالله سبحانه وتعالى وجهنا في كتابه الكريم الى التثبت والتحقق عن صدق هذه الانباء من كذبها اذا جاءت من فاسق ولم يأمرنا بردها مطلقاً قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا". ولقد كثرت المشورة على فضيلته بالتوجه الى ولي الامر بالموافقة على عقد مؤتمر يجمع بين علماء الشرع وعلماء الفلك للنظر في المسائل الفلكية المتعلقة بحسبان منازل الشمس والقمر وما يتعلق بذلك من نتائج تفيدنا في تحديد أوقات الصلاة والصيام والحج وهذا طريق من طرق التثبت والتحقق.

المسألة الثانية: قول فضيلته بأن الحُسَّاب لا يشترطون فيمن يقدم نتائج هذا الحساب تقى ولا صلاحاً ولا عدالة بخلاف من يتقدم بشهادة رؤية الهلال فلابد من ثبوت صلاحه وتقاه. هذا القول من فضيلته محل استغراب. فالنتائج العلمية لكل علم من العلوم لاسيما إذا كانت هذه النتائج قطعية لتحديد ولادة الهلال هذه النتائج العلمية لا يتقدم به عالم أو اثنان أو أكثر حتى نشترط لقبولها العدالة والتقوى والصلاح. وإنما هي نتائج علمية قطعية يعترف بها البر والفاجر والصالح والفاسق والمسلم وغير المسلم فليست نتائج شخصية حتى نطلب من مقدمها ما يدل على ثقته وأمانته. فمثلاً النظريات الرياضية من معدلات وغيرها مما هي محل اعتبار واعتراف وتسليم هل نطلب ممن يقدمها بأي وسيلة من وسائل النشر والبيان العدالة والثقة والصلاح؟ وحينما يقول لفضيلته مثلاً أحد الناس: 15+ 10= 25أو 7*9= 63هل يتردد فضيلته في قبول هذه النتائج حتى تثبت عدالة من يتقدم إليه بها. لعل الأمور قد اختلطت على شيخنا - حفظه الله.

ولاشك بوجود الفرق بين من يتقدم بشهادة رؤية الهلال وبين من يذكر بحقيقة علمية معروفة لدى علماء ذلك العلم. فالأول يأتي بخبر يختص هو بمصدره - وهي الرؤية - والثاني يأتي بخبر علمي يشترك في معرفته جميع علماء ذلك العلم، فالأول في حاجة إلى تعديل وإنصاف بالثقة والأمانة والتقوى والصلاح لكون مصدر علمه بذلك الخبر - وهو الشهادة بالرؤية - ذاتياً في نفسه والثاني لا يلزم اشتراط تقواه وصلاحه لكون خبره معلوماً لجميع علماء ذلك الخبر.

المسألة الثالثة: احتجاج فضيلته بأن الهلال رآه عشرة في أماكن مختلفة وقد يكون رآه أكثر من ذلك إلا انهم اكتفوا بمن تقدم بالشهادة بالرؤية. ولا يخفى على فضيلته ان الشهادة مهما بلغ الشاهدون بها عدداً مشروط لصحتها وقبولها انفكاكها عما يكذبها وعلماء الفلك يؤكدون ان الهلال قد غاب يوم الخميس الموافق 1428/ 9/29ه قبل غروب الشمس بدقيقة وذلك في آخر موقع في المملكة وهو مكة المكرمة فكيف يرى بعد غروب الشمس والحال انه غرب قبل غروبها بدقيقة؟

ولاشك ان رد فضيلته على هذا القول هو عدم التسليم بقبول خبر علماء الفلك. ونحن نقول لفضيلته سمعنا وأطعنا لقراركم المؤيد من قبل ولي أمرنا فالفطر يوم يفطر الناس ونحن في ذمة مجلس القضاء ومن اعتمد عليه المجلس. ولكننا نقول لفضيلته نفترض بأن علماء الفلك فسقة ولا يصح قبول خبر الفاسق إلا بتثبت وتحقق كما لا يصح رد خبره مطلقاً وذلك حسبما وجهنا الله سبحانه به في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) فأين التحقق والتثبت عن صحة هذه الأخبار؟

وسماحة شيخنا يعرف ويعلم أن الشهادة يحتاج قبولها أمرين احدهما ان تكون الشهادة منفكة عما يكذبها حساً وعقلاً. والثاني ثبوت عدالة الشاهد. ونحن لا نشك ان القضاء قد استكمل تعديل الشهود ولكن عدم انفكاك الشهادة عما يكذبها لايزال ثغرة نقص في صحة الشهادة والله المستعان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير