تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مع القول بأن الأخذ بالحساب مطلقا منافٍ للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

هذا القول فيه حق وباطل. أما الحق فهو أن القول بالأخذ بالحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر وخروجه دون النظر إلى الرؤية الشرعية للهلال في الإثبات قول باطل ويظهر لنا بطلانه ومنافاته للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إذ لا شك أن علماء الأمة الإسلامية إلا من شذ مجمعون على أن دخول شهر رمضان وخروجه لا يتم إلا برؤية الهلال لا بالحساب الفلكي، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) [البقرة: 185] وقال صلى الله عليه وسلم: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .. )). الحديث، أخرجه البخاري (1909)، ومسلم (1081). وأما الباطل من هذا القول فهو الأخذ بشهادة من يدعي الرؤية - بعد إجراءات تعديله – وذلك قبل ولادة الهلال؛ إذ هي شهادة لم تنفك عما يكذبها، إذ كيف يُرى الهلال متخلفا عن الشمس بحيث تغيب قبل غيابه والحال أنه لم يولد بعدُ، فهو لا يزال متقدما على الشمس فهو غربها وهي شرقه، فهي شهادة باطلة لا يجوز سماعها فضلا عن قبولها، فنحن حينما نقول بالأخذ بالحساب الفلكي نحصر هذا القول في النفي دون الإثبات، فإذا قال علماء الفلك بأن الهلال لا يولد إلا بعد غروب الشمس وجاء من يشهد برؤيته بعد غروب الشمس والحال أنه لم يولد فهذه الشهادة غير صحيحه وباطلة وإن كانت من جملة شهود. فهذا وجه الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي.

أما إذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس ولم يتقدم بالشهادة على رؤيته شاهد أو أكثر فلا يجوز أن نثبت دخول الشهر بالحساب والحال أنه لم يتقدم شاهد برؤيته، وقد أحسن مجلس القضاء الأعلى في قراره عدم ثبوت دخول شهر رمضان يوم الأحد الموافق 26/ 10/2003م فقد كانت ولادة الهلال حاصلة قبل غروب شمس يوم السبت الموافق 29/ 8/1424هـ إلا أن الهلال لم ير ذلك اليوم بعد غروب الشمس في بلادنا السعودية فأصدر المجلس قرارا بأن يوم الاثنين هو اليوم الثلاثين من شهر شعبان.

وهذا التصرف من المجلس عين الحق حيث إن المعتمد في الإثبات الرؤية فقط دون الحساب.

والقول برد شهادة من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس والحال أن الشمس غربت قبل ولادة الهلال قول صحيح لا يتنافى مع النصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك أن الشهادة معتبرة إذا سلمت عما يؤثر على اعتمادها، ومعلوم أن للشهادة موانع قبول واعتماد ومن أهم ذلك أن تنفك عما يكذبها، ولا شك أن غروب الشمس قبل ولادة الهلال يُعَدٌّ أقوى مانع لرد شهادة من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس والحال أنها غربت قبل الولادة، فنحن بهذا لم نرد قول الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ولا قول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) وإنما رفضنا شهادة باطلة ممن شهد بشهادة لم تنفك عما يكذبها، فالشاهد هو الواهم أو الكاذب في شهادته. فليس في الأمر رؤية صحيحة للهلال لكونه لم يولد بعدُ. وبهذا يتضح الأمر بأن الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي ليس فيه مصادمة لكتاب الله ولا لسنة رسوله محمد صلى الله عيه وسلم.

الوقفة الثالثة:

مع قول بعضهم في معرض الرد على القول بالأخذ بمقتضى ولادة الهلال ما نصه: ما الذي نجنيه من الكتابة عن الصيام وتكذيب شهود رؤية الهلال لأن الحساب قد دلنا على أن الشهر لن يهل أو أنه لم يولد؟ هل عندنا بذلك أثارة من علم ممن لا يرد قوله. إلى آخر ما قال.

وأتمنى من قائل هذا القول أن يتهم رأيه وعلمه، فرحم الله امرأًً عرف قدر نفسه فيما يتكلم فيه، فعلم الفلك علم له قواعده وأصوله ونتائجه، وله علماؤه المختصون به، وعلى نظرياته الدقيقة تبنى أدق التطبيقات العلمية في عالم الفضاء والكون، وليس الأمر فيه محصورا في أثارة من علم تنتظر ممن لا يرد قوله فالأمر في ذلك قطعي لا يحتاج إلى أثارة من علم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير