ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 11:24 ص]ـ
وفقكم الله وأحسن إليكم.
شيخنا الكريم ابن وهب نفع الله بك:
إذا كان الحديث عن مسألة " الرؤية الأولى " فليس هناك يقين إلى ساعتنا - فيما أحسب - ... وإن كانت هناك وقفة حول اعتبار قول المخالف مهما كان قوله شاذًا ... أو ضعف نسبة الاحتمال ...
وقد كنت قلتُ في مشاركة سابقة في غير هذا الرابط: هم في بعض الحالات يقرون بأنهم لم يصلوا إلى القطع بـ " إمكانية رؤية الهلال " وأؤكد على قولي: في بعض الحالات ... وهذا من انصافهم ... ومراعاتهم للمنهجية العلمية والدقة في تقديم المعلومات.
وقد ذكروا عن علماء الفلك من قديم أن للقمر الموجود ثلاث حالات ... أشار إليها الإمام السبكي ... وبعده الشهاب الرملي:
حالة يقطع فيها بوجوده وامتناع رؤيته.
حالة يقطع فيها بوجوده ورؤيته.
حالة يقطع فيها بوجوده ويجوزون رؤيته.
والملاحظ أن ادعاء الرؤية في حالة الاقتران أو قبله غير داخلة هنا.
وقد أضاف بعض المعاصرين زيادة تقسيم على هذه الحالات الغرض منها التدقيق في الأمر ...
وإن كانت الإشارة في مسألة اليقين لغير ذلك فقد رأيت أحد من له اهتمام بهذه المسألة يقول بعد حكايته حوصلة حول النماذج والمعايير المعدة قديمًا وحديثًا حول التنبؤ برؤية الهلال أو استحالة ذلك في يوم مّا أو مكان مّا: ( ... ولكن هناك أمرًا مهما جدًا يجب علينا توضيحه فورا؛ فالقارئ لا بدّ أن يكون قد انتبه إلى أن كل هذه الأعمال والبحوث العلمية كانت تهدف إلى ايجاد شروط التنبؤ برؤية الهلال الجديد - أي بعد بعد الاقتران - وليس فقط حساب موقع القمر، ومعرفة ما إذا كان الشهر القمري قد ابتدأ < فلكيا > أم لا، إذ إن هذه المسألة الأخيرة تتعلق بعلم حركة الأجرام السماوية فقط، وهي مشكلة محلولة منذ زمن طويل، منذ أن وضع " كبلر " و" نيوتن " قوانين الحركة للأجسام، بما فيها الكواكب والأقمار، إن حساب مسار الكواكب والأقمار، وتقدير مواقع الهلال ومنازله؛ صار اليوم أمرًا بسيطًا وبديهيًا، حتى إن علم الفلك يستطيع اليوم معرفة زمن الاقتران - تراصف الشمس والقمر والأرض - وهو الزمن الذي يعرف بداية الشهر القمري فلكيا، هذا الزمن يمكن ضبطه بأقل من دقيقة على فترات طويلة جدًا ... ).
أقول: ولا يخفى عليكم - وفقكم الله - أن اليقين في مثل هذه النتائج أتى من تتابع التجربة ... والاستقراء ... والبرهان الحسي.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[31 - 10 - 07, 03:48 م]ـ
شكر الله لأخينا مصطفى توضيحه وبيانه.
وأقول الخلاف أبعد من هذا - أعزك الله - فهو يرجع إلى عدم اعتبار الحسابات الفلكية أصلا في هذه المسألة ... وربما تعدى هذا عند بعضهم إلى التشنيع على علماء الفلك والتشكيك في علمهم ... وعده ضربًا من التنجيم أو التخمين.
والإشكال الآخر ... عدم تحرير بعض نقط الخلاف بين الفقهاء و كثير من علماء الفلك ... فمتكلم يتهمهم بالدعوة للعلمانية الزائفة ... وآخر يتهمهم بتغيير شرع الله والدعوة للبدعة ... وكل بدعة ضلالة ... وربما أضاف وصاحبها ... وآخر يجعل من الرؤية البصرية والحسابات ضدين لا يجتمعان ... وخصمين لا يلتقيان .. الخ سلاسل التهم التى مرّ عليك بعضها حتى في هذا الرابط. ... وجلّ القوم أبرياء من هذا كله .. بل إلى تصحيح العبادة يسعون ليس غير ... وفي سبيل تحقيق غرض الشارع يعملون ... والأمر أقرب من ذلك بكثير ... وقد رفع الله قدر الفقهاء وطلبة العلم أن يعطوا فرصة لأحمق فيرميهم بمعادة العلم النافع الموافق لما ينادي به كتابهم وسنة نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... بل الذي عهدناه من طلبة العلم وشيوخهم الغر الميامين أن يواكبوا العلم أنى حلت ركائبه ... ويظهروا لكل متحذلق أنهم متقدمون عليه بخطوة ... بل خطوات في طريق العلم اللاحب الذي ما وقف أمامه واقف إلا بطحه إلى قفاه ...
وأما مسألة الشيوخ فالأحسن الإعراض عن الخوض في ذلك لأنه طريق مسدود ... وشيوخنا هم شيوخنا وساداتنا ... نعمل بما تعلمناه منهم من البحث عن الحق ... وتحري مسالكه ودروبه ... مع معرفة الفضل لأهله عن علم وبصيرة ... لا عن تقليد وعاطفة في غير محلها ... فكل من رام المزايدة على هذا فقد باء بالخسران ... ونادى على نفسه بما يزري عليها.
أما دعاوى الرؤية المغلوطة فهي كما ذكرت ... نفع الله بك ... وهي المحرك الكبير ... لكلام من تكلم من بعض القدماء وجلّ المعاصرين ... مع ما تبعها من اختلاف بلدان الإسلام إلى أربعة أقسام في صومهم وفطرهم أحيانًا ... في وقت ما كان ينبغي أن يحدث فيه هذا ... والعالم أضحى قرية واحدة ... والاختلاف في مثل هذا ... ولمثل هذا السبب شرٌ مستطير ... وجهل فاضح لا يليق بأمةٍ القرآن دستورها ... ومنبع علمها وسبب هدايتها ... وسنة النبي محمد خاتم الرسل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منارة اهتدائها ... وطريق عصمتها من الشقاق والاختلاف ... فما بال قومنا إلى هذا الحال قد وصلوا؟
وقد وفق الله عباده لكثير من الطرق والوسائل لتصحيح ذلك ... منها .. بل من أنفعها الحسابات الفلكية العلمية المضبوطة الصادرة من أهل الفنّ الذين عرفوا به وتحققوا به ... فلمَ لا نستفيد مما سخره الله لتحقيق مراده؟
¥