وقيل: لا يتصور كسوف إلا في ثامن أو تاسع وعشرين، ولا خسوف إلا في إبدار القمر، واختاره الشيخ تقي الدين، ورده في «الفروع» بما ذكره أبو شامة في «تاريخه» أن القمر خسف ليلة السادس عشر من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكسفت الشمس في غده، والله على كل شيء قدير، - المبدع
،، وبالبحث عن أحداث هذه السنة، للاسترشاد، فكان الجواب كالتالى:
جاء فى النجوم الزاهرة:-
وأما أمر النار التي ظهرت بالحجاز قال قاضي المدينة سنان الحسيني: لما كان ليلة الأربعاء ثالث خمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، ظهر بالمدينة الشريفة دوي عظيم ثم زلزلة عظيمة رجفت منها المدينة والحيطان والسقوف ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة خامس الشهر المذكور ظهرت نار عظيمة، وقد سالت أودية منها بالنار إلى وادي شظا حيث يسيل الماء، وقد سدت مسيل شظا وما عاد يسيل. ثم قال: والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانا، وقد سدت الحرة طريق الحاج العرافي، وسارت إلى أن وصلت إلى الحرة فوقفت بعد ما أشفقنا أن تجيء إلينا، ورجعت تسير في الشرق، يخرج من وسطها مهود وجبال نيران تأكل الحجارة، كما أخبر الله في كتابه العزيز فقال عز من قائل: " إنها ترمي بشرر كالقصر، كأنه جمالات صفر ". قال: وقد كتبت هذا الكتاب يوم خامس رجب سنة أربع وخمسين والنار في زيادة ما تغيرت، وقد عادت إلى الحرة وفي قريظة طريق الحاج العراقي.
وأما أمر النار الكبيرة فهي جبال نيران حمر، والأم الكبيرة النار التي سالت النيران منها من عند قريظة وقد زادت، وما عاد الناس يدرون أي شيء يتم بعد ذلك، والله يجعل العاقبة إلى خير، وما أقدر أصف هذه النار. انتهى كلام القاضي في كتابه
ثم قال بعد كلام معترض:
ثم قال قطب الدين في الذيل: ومن كتاب شمس الدين سنان بن نميلة الحسيني قاضي المدينة إلى بعض أصحابه يصف الزلزلة إلى أن ذكر قصة النار وحكى منها شيئاً إلى أن قال: وأشفقنا منها وخفنا خوفاً عظيماً، وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله! فأعتق كل مماليكه، ورد على جماعة أموالهم، فلما فعل هذا قلت له: اهبط الساعة معنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهبط، وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنسوان وأولادهم، وما بقي أحد لا في النخيل ولا في المدينة إلا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشفقنا منها وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال من ذلك نهر من نار وأخذ في وادي أحيلين وسد الطريق ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري وفوقه جمر يسير إلى أن قطعت الوادي: وادي الشظا، وما عاد يجري سيل قط لأنها حفرته نحو قامتين. والمدينة قد تاب جميع أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف. ثم ذكر أشياء مهولة من هذا الجنس إلى أن قال: والشمس والقمر من يوم طلعت النار ما يطلعان إلا كاسفين! قال: وأقامت هذه النار أكثر من شهرين.
،، وجاء فى عقد الجمان:
قال أبو شامة: ومن كتاب شمس الدين بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة الحسنين قاضى المدينة إلى بعض أصحابه: لما كان ليلة الربعاء ثالث شهر جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت باقى تلك الليلة تُزلزل كل يوم وليلةٍ قدر عشر نوبات، والله لقد زلزلت مرةً ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذى فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف النبوى ودامت الزلزلة إلى يوم الجمعة صحىً، ولها دوِىَّ مثل دوى الرعد القاصف، ثم بين فيه صفة النار، ثم قال: وكتب الكتاب يوم خامس رجب وهى على حالها، والناس منها خائفون، و الشمس والقمر يوم يطلعان ما يطلعان إلا كاسفين، فنسأل الله العافية.
قال أبو شامة: وبان عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نورها على الحيطان، وكنا حيارى من ذلك إش هو إلى أن جاءنا هذا الخبر عن هذه النار.
وذكر الذهبى فى التاريخ نقلا" عن أبى شامة:
ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشانيّ يقول: جرى عندنا أمرٌعظيم .. إلى أن قال: من النّار ظهر للنّاس ألسُنٌ تصَّعَّد في الهواء حمراء كأنّها العَلَقة، وعظُمت ففزع النّاس إلى المسجد، وابتهلوا إلى الله عزَّ وجل، وغطَّت حُمرةُ النّار السّماء كلَّها حتى بقي النّاس في مثل ضوء القمر، وأيقنّا بالعذاب. وصعِد القاضي والفقيه إلى الأمير يعِظُونه فطرح المكس، وأعتق رقيقه كلَّهم، وردّ علينا كلَّ ما لنا تحت يده، وعلى غيرنا. وبقيت كذلك أيّاماً، ثمّ سالت في وادي أُخَيْلين تنحدر مع الوادي إلى الشَّظاه، حتىّ لحق سَيَلانُها ببَحْرة الحاجّ، والحجارة معها تتحرَّك وتسير حتىّ كادت تقارب حرَّة العِراض. ثمَّ سَكَنتْ ووقفت أياماً، ثم عادت ترمي بحجارة من خلفها وأمامها حتىّ بَنَتْ جبلين خلفَها وأًمامها، وما بقي يخرج منها من بين الجبلين، لسانٌ لها أيّاماً. ثمّ إنّها عظُمت الآن وسَنَاها إلى الآن، وهي تتّقد كأعظم ما يكون. ولها كلّ يوم صوت عظيمٌ من آخر الليل إلى ضَحْوِه، والشمس والقمر كأنّهما منكسفان إلى الآن. وكتب هذا ولها شهر
،، قلت، فلو أن هناك حوادث كونية تبعث على مارآه أبو شامة - رحمه الله -، فلن يكون الا طلوع الشمس من مغربها و العلم عند الله، لان من سنن الله تعالى جريان الشمس لمستقر لها، وان اى تغيير فى هذه السنن، لن يترك الأرض بحالها
،، فالمتصور ان الشمس اذا تركت فلكها التى تسبح فيه واقتربت من الأرض ولو بقيد ذراع او شبر، لارتفعت حرارتها واحترقت أقواتها وجفت مياؤها، ولعسرت ان لم تكن انتهت الحياة من على سطحهها.
نسأل الله السلامة والعافية
¥