ومن أعزِّ القُربات وأقربِها للفطرة الإحسان إلى الوالدين، قال ابن مسعود: ((سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أي العمل أحبُّ إلى الله؟ قال الصلاة على وقتِها. قلتُ ثم أي؟ قال برُّ الوالدين)) فالبر فريضةٌ لازمة، وواجبٌ مُتَحَتِّمُ الإيقاعِ، والعقوق ذنبٌ عظيم، حرام شرعا، ومَنْقَصَةٌ طبعاً ..
ودليل جليلِ أمرِ البِرِّ للوالدين قول الله تعالى ? وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ? فقرن الله حق الوالدين بحقه سبحانه، وهو حق توحيده.
فأعظم الناس مِنَّةً، وأكبرُهُم نعمةً على المرء؛ والداهُ اللذانِ تسبَّبا في وجوده، واعتنيا به. فأمُّه تحمله تسعةَ أشهر في بطنِها، تعاني ألمَ الوحمِ وثقلَ الحمل، ثم تضعه كرها، تشاهد الموت وتقاسي الأسقامَ والآلام ما الله به عليم، ثم ترضعه حولين كاملين، تقومُ به مُثقَلةٌ، وتقعدُ به مُثقلة، فتجوع بعد ذلك ليشبع، وتسهرُ كي ينام، وتتعبُ ليستريح، عليه شفيقة، وبه رحيمة ..
والأب: أجهَدَ نفسَه، وشغل وقته، وادمى يده، واغرورق العرقُ من جبينِه، وتعبت عيناه بالسهر، واحدودب ظهرُه، واعتلَّ بدنُه، وشاب شعرُه، وشقَّ عليه سمعُه، كل ذلك من أجل إسعادِك أيَّها الابن الأمير!!
ولكن هل حفظ الأبناءُ جزءا من أفضالِهما، كما يحفظون جميع أفضالِ الغريب؟!!
فالبعض التزم الجميلَ وأدَّى الواجب ديانةً وفطرةً، فيصدق فيهم قول الله تعالى:
? أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا .. ?
وآخرون: جحدوا المواثيق، وغدروا بالعهود، وخانوا يداً سخّرها الله لهم، فعقَّ والديه وآذاهما، وجاهر بالسوء وفاحشِ القول تجاههما، وقهرهما ونهرهما، وتجرأ برفعِ الصوت عليهما،إن صنع إحسانا منَّ عليهما، وإن أطاعهما في أمرٍ ألحَقَ فعلَهُ اللعناتِ والإهاناتِ،بل استطال ذلك الشقيُّ بركلِهما وضربِهما ـ واِتباعِ كلماتٍ جارحةٍ لأبٍ شفيقٍ وأمًٍَّ صبورة رحيمةٍ مكلومة ..
يا لله: كم تبع ذلك الشقي من ذل وعار وشنار؟!!
خاب أمثالُهُ وخسروا ..
فلما بلغتَ السِنَّ والغايةَ التي إليها مدى ماكنتُ فيك أُؤمِّلُ
جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً كأنك أنت الُمنعِمُ المتفضِّل ُ
ومن أعظمِ القربات أيضا التزامُ حلقات العلم والذكر؛ لأن أزمةَ الأمة الإسلامية اليوم ونكباتِها، ناتجٌ عن الجهل بدين الله وشريعةِ محمد صلى الله عليه وسلم، فالجهل بالدِّين أردى بأمتِنا، وجعل الذين أغواهم الشيطان، ويأسوا أو استبطأوا فرج الله ـ أن يُنَكّسوا رؤسهم، و ينكّسوا دستورهم (كتابُ الله وسنة محمد) زعماً منهم؛ أنهما مصدرا الانحطاطِ والرجعية ...
ألا فاعلموا:
أن العلم الشرعيَّ والعملَ به، هما اللذانِ سيرفعانِ ما نراه من ضياعٍ وتحلُّل، في خِضَمِّ تياراتِ الجهل والمعاصي المواتية، أو التنظيماتِ التي تريد إبادةَ الإسلام وأهلِه، إلى غير رجعة، أو للتشريعاتِ القائمة على حريةٍ مزعومة.
أُمَّتُكم هذه:
كان الألمُ بموضعٍ منها يقضُّ فراشَ كلِّ المنتسبين إليها، ولكن غدت لهفى وشتى ..
قطَّعوها ـ أبادهم الله ـ ليسهُل الخلاص منها.
فصار الإسلام في كلِّ إقليمٍ عربي، له شعارٌ ورمز، بل هُوِيّةٌ إسلامية خاصة به، مختلفةٌ عن غيره من الأقاليمِ العربيةِ والأعجمية.
فهل هذا داعي أمان؟
ونزعم اليوم بالوحدة الإسلامية. نعم قد تكون صوتاً لا فعلا ...
من أجل الجهل والعبث بالدين، والتعاليمِ الربانية التي وضعها الله دليلا مُرشِدا للناس، أصبح الكل يبحث عن الانحياز، أو التبعيةِ الذليلة ليَسلَم ويُلقي العبءَ
والعُهدةَ ـ الموكولةَ على كل مسلم ـ على كاهن أصحاب الثُّغور البارزة من المجاهدين،أو المناصبِ الإسلامية الُمدوِيَة!!
فالحال الآن وصل بأمُتنا؛ جرَّاء الجهل بحقائق الدين ـ حُكَّاماً ومحكومين ـ أنها غدت موؤودةٌ يُنهش ُفي أجزاءَ كبيرةٍ من جسدِها المتخدِّرِ المسمومِ، ورُدَّت وظيفةُ القادرين المُعتَنِينَ إلى القُنُوتِ في الصلوات، وإطلاقِ الآهات والزفرات، وإنهاكِ المنابرِ بالويلات، وجمعِ الزكوات والتبرعات ..
فلا بد مِن حلٍّ!!
ولن يكون إلا بالعلم الصالِح، والعملِ النبيلِ الدَّؤوب؛ كما استبان ....
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .....
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref1) هذه خطبة جمعة ألقيتها عام (1426هـ) في جامع البراك الكبير بالدمام، أخوكم / محمد بن علي البيشي، المعهد العالي للقضاء ـ عضو الجمعية الفقهية السعودية بالرياض.
(1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftnref2) هذا من كلام الشيخ د/ صالح بن حميد
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 10 - 07, 11:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
جزاك الله خيرًا وبارك فيك، وأحسن إليك وغفر لك ما تقدم من ذنبك لما قدمت من خير ونفع.