ومع ذلك لم يؤثر (على حد علمي المتواضع) أن الناس كانوا يقصدونهم لتخريج الجن والتطبب بقراءة القرآن والدعاء لهم ........
بل أوثر العكس تماما فقد روي أن رجلا جاء سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا صاحب رسول الله استغفر لي، فاستغفر له، فجاءه آخر فقال استغفر لي فقال: لا غفر الله لك ولا له، أو تحسبني نبي) وقد فطن لما قد يحسب ... (الأثر أورده أبو اسحق الشاطبي في الأعتصام).
وعن سحيم بن نوفل قال: كنا عند عبدالله نعرض المصاحف فجاءت جارية اعرابية إلى رجل منا فقالت: إن فلاناً قد لقع مهرك بعينه فهو يدور في فلك، لا يأكل ولا يشرب ولا يبول ولا يروث، فالتمس له راقياً، فقال عبدالله: لا تلتمس له راقياً، ولكن ائته فانفخ في منخره الأيمن أربعاً، وفي الأيسر ثلاثاً، وقل: لا بأس، أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا يكشف الضر إلا أنت، فقام الرجل فانطلق، فما رحنا حتى رجع فقال لعبدالله: الذي أمرتني به، فما رحت حتى أكل وشرب وبال وراث رواه أبن عبد البر بسند له (التمهيد).
· ألأدلة التي يرجع اليها في هذا الباب ليست على ما يذهبون إليه، ومن ذلك: (أ) حديث أبي سعيد الخدري:
(أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَوْا عَلَى حَىٍّمِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْلُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍفَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَاجُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّالْقُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ، وَيَتْفِلُ، فَبَرَأَ، فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا لاَ نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمفَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ " وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا، وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ) متفق عليه.
فهذه حجة عليهم وليس لهم لما يلي:
(1) لأنه وقع في الروايات الصحيحة الثابتة الدلالة على أن الذي رقى هو أبو سعيد الخدري إما تصريحا
وإما بالتورية. على كل حال لنأخذ ما كان بالتصريح أنه هو، فنقول: لم يصبح أبو سعيد رضي الله عنه يرقى الناس بعد ذلك واتخذ ذلك خاصا به يقصده الناس لأجله ولا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم!!.
(2) إن الرجل سيد الحي كان كافرا على ظاهر الروايات. والقرآن لا يزيد الكفار إلا خسارا.قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) الأسراء.
(ب) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِفَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ " اعْرِضُواعَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ ". مسلم
فهذه رقى بالأسباب المادية من أعشاب وخلافه، لأن رقاهم تلك كانت في الجاهلية قبل الإسلام. وهذه من كان عالما بها فمن ذا الذي يحرم، وقال صلى الله عليه وسلم: (تداووا ولا تداووا بحرام) -
(ج) إن آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَارَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَالْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى. قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ " مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُفَلْيَنْفَعْهُ ". مسلم أيضا.
وهذه أيضا كانت في الجاهلية ومن الأمراض المادية من لدغة وخلافها ......
(د) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى اللهعليه وسلم لآلِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ " مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ ". قَالَتْ لاَ وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ. قَالَ " ارْقِيهِمْ ". قَالَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ " ارْقِيهِمْ " مسلم.
فهذه رقيا من العين ولم يقل صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها التمسي راقيا بل قال ارقيهم أنت.
¥