-رضي الله عنهن-، يخرجن إلى المناصع من أجل البراز وقضاء الحاجة، وهذا خارج عن حجراته-عليه الصلاة والسلام- وبأطراف العمران بالمدينة، ويشترط وجود محرمها.
والمحرم: أصله من حرّم الشيء يحرم فهو حرام ومحُرّم، ووصف المحرم بكونه محرماً؛ لأن الله حرمّ عليه نكاح هذا النوع من النساء، فمن حرم عليه نكاح المرأة، بسبب النسب أو بسبب الرضاعة أو بسبب المصاهرة فإنه يعتبر محرماً لهذه المرأة إضافة إلى الزوج فإذا حرّم الله-?- عليه نكاحها هذا لسبب المباح فإنه حينئذٍ يجوز له أن يسافر معها وأن يختلي بها وأن يصافحها وأن يرى وجهها ويديها ونحو ذلك مما لافتنة فيه.
ومسألة المحارم مسألة مهمة ويحتاجها الناس عامة سواء كانوا طلاب علم أو كانوا من غير طلاب العلم، فالمنبغي على المسلم أن يعلم إذا بلغ ما الذي أحل الله له من النساء أن يختلي بهن وأن يصافحهن وأن يعطيهن حكم المحارم ومن الذي حرّم الله عليه، وما الذي حرم الله عليه الخلوة بهن، والسفر معهن، وكذلك النظر ولمسهنّ.
وهذه المسألة كما يصفها العلماء من المسائل التي تعم بها البلوى، والمنبغي تعليم أبناء المسلمين، والعناية بهذه المسألة خاصةً من الخطباء والوعاظ والمرشدين.
فالناس يحتاجون إلى بيان من هم المحارم؟ حتى يكونوا على بينة من أمرهم، فيأتوا ما أحل الله، ويذروا ما حرم الله عليهم،
والمحرمية لها ثلاث جهات:
الجهة الأولى: محرمية بسبب النسب.
والجهة الثانية: محرمية بسبب الرضاعة.
والجهة الثالثة: محرمية بسبب المصاهرة.
فأما الذين حرم الله على المسلم نكاحهن والزواج منهن من جهة النسب فسبع في حكمهن من حرم الله من جهة الرضاعة.
وأما المصاهرة فأربعة أنواع من النساء - كما سيأتي إن شاء الله تفصيله -. وسنذكر هذه الثلاث جهات من جهة النساء، فإذا قلنا الأم فيقابلها الأب بالنسبة للمرأة، فإذا قلنا مثلاً: أول المحارم الأم، فنحن تكلم بالنسبة للرجل، فتعكس المرأة، وتعلم أن المراد الأب، وإذا قلنا الأخ فتعكس الأخت بالنسبة للرجل تعكس المرأة وتقول الأخ، وإذا قلنا بنت الأخ بالنسبة للرجال فيعلم النساء أن ابن الأخ، لأنهن يسألن بالنسبة للذكور، والرجال يسألون من جهة الإناث.
فأما بالنسبة للجهة الأولى: وهي النسب. فهن سبعٌ من النسوة:
الأولى: الأم. والأم: هي كل أنثى لها عليك ولادة سواءً كانت مباشرة أو كانت بواسطة، فكل أنثى لها عليك ولادة مباشرة أو بواسطة فهي محرمة لك يشمل ذلك الأم المباشرة وأم الأم، وأم أم الأم وإن علت، ويشمل - أيضاً - أم الأب، وأم أب الأب وإن علا ما ذكرناه.
فأم الإنسان المباشرة حرام، وأم أصوله أم له، فلو سألك السائل وقال: أم أب الأب هل هي محرمة لي؟ تقول: نعم. ولا يجوز لك نكاحها، ويجوز لك مصافحتها، والسفر معها وأنت محرم لها.
أما الدليل فقوله-تعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فنص الآية الكريمة جاء بالجمع، قال بعض المفسرين: تنبيها من الله-?- على أن التحريم لا يختص بالأم المباشرة؛ وإنما يشمل الأم المباشرة والأم بواسطة كأمهات الأصول.
النوع الثاني: البنات. والبنت: هي كل أنثى لك عليها ولادة، سواء كانت مباشرة كبنت الصلب التي هي مباشرة من صلبك أو بنت بنتك، أو بنت ابنك وإن نزل.
فجميع الإناث اللاّتي ولدن منك، أو من فروعك من الذكور والإناث فهن محارم لك، وهذا دليله قوله-تعالى-: {وَبَنَاتُكُمْ} فجمعت الآية الكريمة تنبيهاً على البنت المباشرة والبنت بواسطة.
الثالثة: الأخت: والأخت ضابطها: هي كل أنثى لأحد أصليك عليها ولادة أو هما معاً، فيشمل ذلك ثلاث أنواع من الأخوات:
النوع الأول: الأخت الشقيقة؛ لأن الولادة من اصليك.
النوع الثاني: الأخت لأب وقد شاركتك في الأصل الواحد وهو الأب.
النوع الثالث: الأخت لأم وقد شاركتك في أصل وهو الأم.
فالأخت محرمة لك، سواء كانت شقيقة أو كانت لأب أو كانت لأم.
أما دليل كونها محرمة فقوله-تعالى-: {وَأَخَوَاتُكُمْ}.
¥