تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأجاز العلماء أن يثني الإنسان على نفسه لمعرفة قدره؛ كما قال سبحانه حكاية عن نبيِّه يوسف عليه السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (1) فإذاً إذا كان الإنسان عنده حقٌّ وعلم فبيّن نعمة الله عليه من باب معرفة قدره فإنه لا حرج عليه، فهذا من باب الترغيب في قبول الحق، والعمل به، ونرجو ألا يكون من باب التزكية، والثّناء المذموم شرعاً.

قوله رحمه الله: [ولا حول ولا قوة إلا بالله]: للعلماء فيها وجهان:

الوجه الأول: منهم من يقول لا حول: أي لا تَحوُّل من حالٍ إلى حالٍ، ولا قوة على ذلك التحول ولا بلاغ إلا بالله، فأصل الحول من التغيّر، والتبدل، ولذلك يطلق على السَّنة؛ لأن الغالب أن الإنسان إذا مرّتْ عليه سنة كاملة تحوّل حاله، وتغيّر فيمرض، ويصح، ويغنى، ويفتقر، ويهلك ماله، ويزيد إلى غير ذلك من العوارض، فالحول مدة ليست يسيرة.

وعلى هذا المعنى يكون قولهم لا حول أي: لا تحوّل من حال شر إلى حال خير إلا بالله العلي العظيم.

الوجه الثاني: لا حول في دفع ضُرٍّ، ولا قوة في بلوغ خير إلا بالله، فالله-جل وعلا- منه الحول، والطول، والقوة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي- - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - أنّه لما سمعَ المؤذنَ يقولُ: حيَّ على الصلاةِ، حيّ على الفلاحِ قال: [لا حَوْلَ، ولا قُوةَ إِلا باللهِ] قال بعض العلماء: مناسبته أنه بَرِأَ من الحول، والقوة في إجابة داعي الله؛ إلا بعد توفيق الله-جل وعلا- ومعونته، فقد يكون الإنسان راغباً في حضور الصلاة، وأدائها، ولكن يُحالُ بينه، وبينها بسقمٍ، أو مرضٍ، وقد يحال بينه، وبينها بتأخرٍ، أو تقاعسٍ فلا حول للإنسان، ولا قوة في بلوغ الخير إلا بالله-جل وعلا-، وهكذا في دفع الشَّر، وهذه الكلمة كنزٌ من كنوز الجنة كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام.

قوله رحمه الله: [وهو حَسْبُنا]: وهو: أي الله، الحسب: الكفاية، حسبي: كفايتي، حسبنا: جاء بصيغة الجمع التي تشمله، وتشمل السامع، والقارئ، والمؤمنين المتوكلين عليه سبحانه، وهو حسبنا أي: كافينا.

قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: ثناء على الله-جل وعلا-، والوكيل: هو القائم على الشيء، المتوكل عنه، والله خالق كل شيء، وهو على كل شيء وكيل، فهو القائم على كل نفس، وهو المتوكل بكل نفس-سبحانه وتعالى-، وبكل شيء، فهو حسبنا في بلوغ هذا الأمر الذي رسمناه، والمنهج الذي ذكرناه.

قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: أي نعم من يُتَوكّلُ عليه، أو يُوْكَل إليه الأمر.

وهذه المقدمة فيها فوائد: نجملها فيما يلي:

أولاً: الثناء على الله- عز وجل -، واستفتاح الكتب بذلك، وفي حكمها الخطب، والمواعظ ونحوها.

ثانياً: الفصل بين مقدماتها، ومضامينها.

ثالثاً: أن تكون هذه المقدمة مشتملة على التعريف بالكتاب، وبيان منهج المؤلف فيه، وفي تقسيم مادته، وترتيبها.

هذه فوائد يستفيد منها طالب العلم في البحث، وكتابة رسالة، أو موضوع، ثم خَتْمُ ذلك بالثناء على الله-جل وعلا- وسؤاله المددَ، والعونَ.

فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يستفتح مقدمته بالثناء على الله- عز وجل -، ويختمها أيضاً بسؤال الله-عز وجل- المعونة، والتوفيق.

ونسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يجزي هؤلاء الأئمة، وإخوانهم من علمائنا خير ما جزى عالماً عن علمه، اللهم أسبغ عليهم واسع الرحمات، وإجعل لهم جزيل المغفرات، وعلو الدرجات، وألحقنا بهم على أحسن ما تكون عليه الخاتمة، والممات؛ إنك عل كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والله تعالى أعلم.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 11:34 ص]ـ

كتاب الطهارة

قال المصنف رحمه الله: [كتاب الطهارة]: الكلام عن هذه الجملة في موضعين:

الموضع الأول: في بيان معنى قوله: كتاب الطهارة.

والموضع الثاني: في بيان مناسبة تقديم كتاب الطهارة، وجعله في إبتداء هذا الكتاب.

قال المصنف رحمه الله: [كتاب الطهارة]: الكتاب مصدر مأخوذ من قولهم: كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كتْباً، وكِتَابةً، وأصل الكَتْبِ في لغة العرب: الضَّمُ، والجمع، ومن ذلك قولهم: تَكتّبَ بنو فلان؛ إذا إجتمعوا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير