1ـ قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 449): "وسبب هذا الخلاف ـ أي: في اشتراط المحرم للمرأة في الحج الواجب ـ: مخالفة ظواهر هذه الأحاديث لظاهر قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل}. وذلك أن قوله: {من استطاع} ظاهره الاستطاعة بالبدن، كما قررناه آنفاً، فيجب على كل من كان قادراً عليه ببدنه. ومن لم تجد مَحْرماً قادرة ببدنها، فيجب عليها فلما تعارضت هذه الظواهر: اختلف العلماء في تأويل ذلك" أ. هـ.
2ـ قال القاضي عياض رحمه الله في: "إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" (4/ 446): " قال الباجي: وهذا عندي ـ يعني: اشتراط المحرم ـ في الانفراد ـ أي: عندما تسافر المرأة مُنْفردة لوحدها ـ، والعدد اليسير، فأما في القوافي ـ لعله: القوافل ـ العظيمة فهي عندي كالبلاد، يَصِح فيها سفرها دون نساء وذوي محارم. قال غيره: وهذا في الشابة، فأما المُتَجَالَّة ـ وهي الطَّاعِنة في السن ـ فتسافر كيف شائت للفرض والتطوع مع الرجال ودون ذوي المحارم " أ. هـ.
لكن رَدّه النووي في: "شرح مسلم" (9/ 149): "وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة. وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها؛ لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك والله أعلم " أ. هـ.
وكلام الباجي الذي ذكره القاضي عياض هو في: "المنتقى" (7/ 304) للباجي رحمه الله. إلا أن أبا العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 450) فَنّده بأحسن من مقول النووي، حيث قال: " وفيه بُعْدٌ؛ لأن الخَلْوة بها تحرم، وما لا يطلع عليه من جسدها غالباً عورة، فالمظنة موجودة فيها. والعموم صالح لها، فينبغي ألا تخرج منه. والله تعالى أعلم" أ. هـ.
3ـ قال النووي رحمه الله في: "شرح مسلم" (9/ 149ـ150): " (إلا ومعها ذو محرم) فيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها المسافرة مع محرمها بالنسب، كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاع، كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن اختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة، كأبي زوجها وابن زوجها، ولا كراهة في شيء من ذلك. وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها، والنظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم. هذا مذهب الشافعي والجمهور، ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها: فكره سفرها معه؛ لفساد الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيراً من الناس لا يَنْفرون من زوجة الأب نفرتهم من محارم النسب. قال: والمرأة فتنة إلا فيما جبل الله تعالى النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب. وعموم هذا الحديث يرد على مالك. والله أعلم" أ. هـ. وَردّه ابن دقيق العيد رحمه الله في: "إحكام الأحكام" (3/ 48) وجماعة.
4ـ أخرج البخاري (رقم 3006) ومسلم (رقم: 1341) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بقول: "لا يَخْلُونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تُسافِر امرأة إلا مع ذي مَحْرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجتْ حَاجَّة وإني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحُجّ مع امرأتك". قال أبو العباس القرطبي في: "المفهم" (3/ 453): " قوله: صلى الله عليه وسلم للرجل: "انطلق فحج مع امرأتك" هو فَسْخ لما كان التزم من المُضِيّ للجهاد. ويدل على تأكُّد أمر صيانة النساء في الأسفار" أ. هـ. المراد.
والله تعالى اعلم.
ـ[أبو أحمد الهذلي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 05:16 م]ـ
بحث غير مقارن ينقصه حجج القول الآخر في المسألة والجواب عن الادلة والاستدلالات ومعرفة قواعد الشرع ومقاصده والاطلاع على فتاوى المحققين من أهل العلم0
***********************************
الدار قطني من ابن عباس مرفوعاً: " لا تحجنّ امرأة إلا ومعها ذو محرم ". صححه أبو عوانه. ()
وهذا اللفظ نص في الحج دون تحديد سفر قصير أو طويل 0
وللطبراني عن أبي أمامة مرفوعا: " لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج إلا مع زوج أو ذي محرم " ()
¥