تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو حامد: ومن أصحابنا –أي الشافعية – من قال: لها الخروج بغير محرم،في أي سفر كان واجباً أو غيره .. وهكذا ذكر المسألة البندنيجي وآخرون.

وقال بعض أصحابنا، يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمناً، وبهذا قال الحسن البصري وداود "

وقال مالك: لا يجوز بامرأة ثقة، وإنما يجوز بمحرم، أو نسوة ثقات.

الترجيح:

لا ريب أنّ الراجح في هذه المسألة هو القول الأول لصراحة الأدلة وصحتها ووفرتها وليس فيها تفريق بين سفر وسفر ولم تتوقف على أغراض السفر أو دوافعه.

وليس مع أصحاب هذا القول أي دليل يُعتَدُّ به وليس ثمة إلا اجتهادات لا تُسلّم لقائليها، وناهيك عن مصادمتها لأدلة ونصوص صريحة في محلّ النزاع.

الخلاف في سفر الحج الواجب:

اختلف أهل العلم في مسألة سفر المرأة للحج بلا محرم باعتبار الحج فريضة، وركناً عظيماً من أركان الإسلام وهذا عرض لأقوالهم:

1/ القول الأول:

ذهب الأحناف والحنابلة في المشهور عن أحمد ومن وافقهم إلى تحريم السفر بلا محرم لعموم الأدلة المانعة للمرأة من السفر بدونه.

قال الجصاص الحنفي في (أحكام القرآن 2/ 309) تعليقاً على حديث ابن عباس الآنف ذكره: " وهذا يدل على أنّ قوله: لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم قد انتظم المرأة إذا أرادت الحج من ثلاثة أوجه: أحدها: أنّ السائل عقل منه ذلك، ولذلك سأله عن امرأته وهي تريد الحج ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه فدّل على أنّ مراده صلى الله عليه وسلم عام في الحج وغيره من الأسفار.

والثاني: قوله: حج مع امرأتك وفي ذلك إخباره منه بإرادة سفر الحج في قوله: لا تسافر إلا ومعها ذو محرم.

والثالث: أمره إيّاه بترك الغزو للحج مع امرأته، ولو جاز لها الحج بغير محرم، أو زوج لما أمره بترك الغزو، وهو فرض للتطوع وفي هذا دليل أيضاً على أنّ حج المرأة كان فرضاً ولم يكن تطوعاً، لأنّه لو كان تطوعاً لما أمره بترك الغزو الذي هو فرض لتطوع المرأة، ومن وجه أخر وهو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله عن حج المرأة أفرض هو أم نفل وفي ذلك دليل على تساوي حكمهما في امتناع خروجها بغير محرم فثبت بذلك أنّ وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة "

وقال ابن قدامة في (المغني 5/ 30): " فمن لا محرم لها لا تكون كالرجل فلا يجب عليها الحج، وقد نصّ عليه أحمد فقال أبو داود قلت لأحمد: امرأة مُوسرة، لم يكن لها محرم، هل يجب عليها الحج؟ قال: لا .. "

أدلة القول الأول:

استدل المانعون من سفر المرأة إلى الحج بلا محرم سوء كان فريضة أو تطوعاً بعموم الأدلة المانعة من السفر بلا محرم وقد تقدم ذكر طرف منها، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين سفر الحج وغيره، ولأنّ المحذور في سفر المرأة بلا محرم موجود في كل أسفارها وإن كان للحج.

ويضاف لأدلة العموم ما رواه الدارقطني بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما (2/ 223) " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إنّ امرأتي خرجت حاجة، وإنّي اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحجّ مع امرأتك)) ([1]).

قلت: وهو نصٌّ في اشتراط المحرم في سفر الحج، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أنّ يحلق بامرأته رغم أنّه قد اكتتب في غزوة جهادية في سبيل الله ولو لا وجود المحرم لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلي عن ذروة سنام الإسلام – وهو الجهاد – لأمر ليس بواجب!

القول الثاني:

أجاز بعض أهل العلم للمرأة الحج بلا محرم لكنّ بعض عباراتهم تدل على تقييد وليس بإطلاق.

قال مالك في (الموطأ 1/ 425): " الصَرُورَة [2] من النساء التي لم تحج قط أنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج، لتخرج في جماعة النساء "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير