3/ حديث أبي هريرة أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمرّ الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر ن وليس به الدّين إلا البلاء " [البخاري: 6698] و [مسلم: 157].
قلت: فهل يقول أحد بجواز الاقتتال على ذهب الفرات أو إقرار القطحاني على سوق الناس بعصاه أو مشروعية التمرغ على القبر وتمنى الموت بإطلاق.
وجواب آخر: وعلى فرض أنّ حديث الظعينة دال على مشروعية سفر المرأة بلا محرم، فإنّ ذلك إشارة إلى استتاب الأمن وشيوعه، وإنتشار الطمأنينة في أرجاء الجزيرة فلا يُخشى من قَطع طريق، أو بطش ظالم وحينئذ إذا سادت تلك الأحوال فأمنت النساء، وأطمأن الناس فلا مانع من سفرها بلا محرم والله أعلم.
وأما الجواب خامساً عن قولهم بأنّ سفرها للحج الواجب قياساً على تخلصها من أيدي الكفار.
فسبق القول أنّ أحاديث النبي – وهو أعلم – لم تفرق بين سفر واجب ومستحب أو بين الحج وغيره كما تقدم.
وأما سفر المرأة لوحدها من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين فسفر ضرورة، وبقاؤها في بلاد الكفار أبلغ خطراً من سفرها إلى بلاد المسلمين.
قال ابن قدامة في المغني (5/ 32) " وأمّا الأسيرةُ إذا تخلّصت من أيدي الكفار فإنّ سفرها ضرورة لا يُقاس عليه حالة الاختيار، ولذلك تخرج فيه وحدها، ولأنّها تدفع ضرراً متيقناً بتحمل الضرر المتوهم فلا يلزم ذلك من غير ضرر أصلاً "
سفر المرأة بوسيلة نقل جماعية:
غير غائب عن البال ما استحدث في هذا العصر من وسائل النقل الجماعية من طائرات وقطارات وحافلات حيث تنتفي الخلوة، وتنتظم الرحلات في مواعيد مجدولة، ومسارات جوية أو برية محدودة فهل يتغير الحكم وفقاً لتغيير الوسيلة؟
بالنظر إلى أقاويل وفتاوى علماء العصر في حكم السفر في هذه الوسائل العصرية نجدهم قد اختلفوا عل قولين:
1/ القول الأول:
وهو قول كثير من أهل العلم: أنّ سفر المرأة بلا محرم حرام سواء كانت وسيلة السفر هي الطائرة أو القطار أو الحافلة أو السيارة أو غيرها لعموم الأدلة الشرعية القاضية بتحريم سفرها بلا محرم.
ومن هؤلاء العلماء العلامة: عبد العزيز بن باز، والعلامة محمد بن صالح العثيمين والشيخ صالح الفوزان وغيرهم وهذا فتاواهم أسوقها كما هي:
1/ فتوى العلامة عبد العزيز بن باز
س: الأخت التي رمزت لاسمها بأم محمد صالح من المدينة المنورة تقول في سؤالها: امرأة مطلقة تبلغ من العمر أربعين سنة ليس لها محرم حيث أنها تعيش وحدها في المدينة المنورة، لأن أبناءها وأكبرهم 16 سنة يعيشون مع أبيهم في مدينة أخرى، هذه المرأة ذهبت في رمضان المبارك إلى مكة المكرمة للعمرة في حافلة النقل الجماعي الذي يوجد فيه مكان مخصص للنساء، وقد أوصلها النقل الجماعي أمام الحرم، وبعد انتهائها من العمرة استقلت حافلة أخرى تابعة للنقل الجماعي إلى الموقف الرئيسي خارج مكة المكرمة، ومن هنا سافرت إلى المدينة في حافلات النقل الجماعي، فهل هي آثمة بسفرها وهي في هذا السن وهذه الظروف؟
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فالسفر المذكور محرم، وعلى المرأة المذكورة التوبة إلى الله من ذلك، وذلك بالندم على ما وقع منها، والعزم الصادق على أن لا تعود لذك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " متفق عليه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: وقد قال الله سبحانه: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (سورة الحشر:7).
والله الموفق.
وهذه فتاوى العلامة ابن عثيمين:
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
هل يجوز للمرأة أن تسافر بالطائرة مع وجود الأمن بدون محرم؟
¥