وورد في بعض الروايات التقييد بيوم، وفي بعضها التقييد بليلة، وفي بعضها التقييد بثلاث أميال، وفي بعضها بيومين، والتحديد بذلك ليس بمراد، وإنما هو تعبير عن أمر واقع، فلا يعمل بمفهومه، ثم هو مفهوم عدد معارض بمنطوق حديث ابن عباس رضي الله عنهما وما في معناه، فلا يعتبر، وإنما يعتبر ما ثبت من الإطلاق في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو واضح في أن المرأة منهية عن كل ما يسمى سفراً إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها، سواء كان قليلاً أم كثيراً، وسواء كانت شابة أم عجوزاً، وسوء كان السفر براً أو بحراً أو جواً، ومن خالف في ذلك فخص النهي بالشابة أو قيده بما ذكر من التحديد في بعض الأحاديث أو بما إذا كانت الطريق غير مأمونة أو اكتفى بالرفقة الثقاة المأمونة، فقوله مردود بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه منطوق فيقدم على مفهوم العدد في الأحاديث الأخرى.
وعلى هذا يكون سفر النساء بالطائرات بلا زوج أو محرم منهياً عنه، سوء كن طالبات أو غير طالبات، لكونه سفراً فيصدق عليه عموم النهي في الحديث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن بازٍ
الفتوى رقم (3063)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
وأما القول الثاني:
فقد أجار بعض أهل العلم سفر المرأة بلا محرم إذا كانت الوسيلة مأمونة كالطائرة، أو مع عدد من النساء الثقات.
ومن العلماء الذين أفتوا بجواز سفر المرأة بالطائرة بلا محرم فضيلة العلامة عبد الله بن جبرين – حفظه الله – وهذا نصُّ سؤال وُجِّهَ لفضيلته وجوابه عنه.
السؤال: س 46
ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
الجواب: لا بأس عند المشقة على المحرم كالزوج أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتيسر للمحرم صحبتها فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب في الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة، وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون عرضة للضياع أو لاعتراض أهل الفساد، وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات، وهذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً؛ لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال، فلا ينطبق على المدة القصيرة ولأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الراجح من القولين:
ولا ريب أن القول بتحريم سفر المرأة بلا محرم، وإن كانت وسيلة السفر جماعية أو سريعة كالطائرات والقطارات والحافلات هو الصواب الذي تسانده الأدلة، وتبرأ به الذمة، وتتحقق به السلامة.
وأما ما ذهب إليه بعض أهل العلم من إباحة السفر بلا محرم فهو خلاف الأدلة الصريحة، والحجج الظاهرة، ويترتب عليه مفاسد محققة، سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساق وانخرقت فيه الأخلاق!
ولا تخلو وسيلة نقل جماعية من شباب ورجال، يتربصون بالنساء شراً، ويسعون جاهدين للإيقاع بهن عبر النظرات والابتسامات والتحرشات ومن ركب الطائرات واستقل القطارات والحافلات رأى وسمع ما يندى له الجبين حياء من تهتك النساء وتميع الشباب وتخنث الرجال في المطارات والمحطات ووسائل النقل العصرية!!
وأي مصلحة في إباحة سفر المرأة بلا محرم إذا تعرضت لمخاطر جسيمة، وعواقب وخيمة في نفسها وعرضها وشرفها وسمعتها؟!
مفاسدُ سفر المرأة بلا محرم:
لا ريب أنّ خروج المرأة من بيتها بحدّ ذاته ولداخل بلدها فيه من المحاذير الشيء الكثير ولذا أمر الله تعالى المؤمنات بالقرار داخل البيوت وعدم الخروج لغير حاجة فقال تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (سورة الأحزاب).
فكيف إذا كان خروجها سفراً قاصداً، وبلداً بعيداً؟ فلا شك أنّ الأمر يشتد خطورة، ويزداد حرجاً، سيما مع عدم مرافقة المحرم!
¥