تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، وَأَنَّ مَالِكًا اِمْتَنَعَ مِنْ الرِّوَايَة عَنْهُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّ النَّاس تَرَكُوا الْعَمَل بِهِ لَا سِيَّمَا أَهْل الْمَدِينَة ا هـ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ سَعْدًا لَمْ يَنْفَرِد بِهِ مُطْلَقًا، فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ مِثْله، وَكَذَا اِبْن مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود، وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط مِنْ حَدِيث عَلِيّ. وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ النَّاس تَرَكُوا الْعَمَل بِهِ فَبَاطِلَة، لِأَنَّ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَدْ قَالُوا بِهِ كَمَا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِرِ وَغَيْره، حَتَّى إِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَالِد سَعْد وَهُوَ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة أَنَّهُ أَمَّ النَّاس بِالْمَدِينَةِ بِهِمَا فِي الْفَجْر يَوْم الْجُمُعَة، أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَلَام اِبْن الْعَرَبِيّ يُشْعِر بِأَنَّ تَرْك ذَلِكَ أَمْر طَرَأَ عَلَى أَهْل الْمَدِينَة لِأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ أَمْر لَمْ يُعْلَم بِالْمَدِينَةِ، فَاَللَّه أَعْلَم بِمَنْ قَطَعَهُ كَمَا قَطَعَ غَيْره ا هـ. وَأَمَّا اِمْتِنَاع مَالِك مِنْ الرِّوَايَة عَنْ سَعْد فَلَيْسَ لِأَجْلِ هَذَا الْحَدِيث، بَلْ لِكَوْنِهِ طَعَنَ فِي نَسَب مَالِك، كَذَا حَكَاهُ اِبْن الْبَرْقِيّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين، وَحَكَى أَبُو حَاتِم عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ قَالَ: كَانَ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم لَا يُحَدِّث بِالْمَدِينَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُب عَنْهُ أَهْلهَا. وَقَالَ السَّاجِيُّ: أَجْمَع أَهْل الْعِلْم عَلَى صِدْقه. وَقَدْ رَوَى مَالِك عَنْ عَبْد اللَّه بْن إِدْرِيس عَنْ شُعْبَة عَنْهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ حُجَّة بِاتِّفَاقِهِمْ. قَالَ: وَمَالِك إِنَّمَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِمَعْنًى مَعْرُوف، فَأَمَّا أَنْ يَكُون تَكَلَّمَ فِيهِ فَلَا أَحْفَظ ذَلِكَ ا هـ"

قال ابن حجر رحمه الله: "وَقَدْ اِخْتَلَفَ تَعْلِيل الْمَالِكِيَّة بِكَرَاهَةِ قِرَاءَة السَّجْدَة فِي الصَّلَاة، فَقِيلَ لِكَوْنِهَا تَشْتَمِل عَلَى زِيَادَة سُجُود فِي الْفَرْض، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهُوَ تَعْلِيل فَاسِد بِشَهَادَةِ هَذَا الْحَدِيث. وَقِيلَ لِخَشْيَةِ التَّخْلِيط عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ بَعْضهمْ بَيْن الْجَهْرِيَّة وَالسَّرِيَّة لِأَنَّ الْجَهْرِيَّة يُؤْمَن مَعَهَا التَّخْلِيطُ، لَكِنْ صَحَّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَة فِيهَا سَجْدَة فِي صَلَاة الظُّهْر فَسَجَدَ بِهِمْ فِيهَا، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِم، فَبَطَلَتْ التَّفْرِقَة. وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ الْكَرَاهَة بِخَشْيَةِ اِعْتِقَاد الْعَوَامّ أَنَّهَا فَرْض، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: أَمَّا الْقَوْل بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا فَيَأْبَاهُ الْحَدِيث، لَكِنْ إِذَا اِنْتَهَى الْحَال إِلَى وُقُوع هَذِهِ الْمَفْسَدَة فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَك أَحْيَانًا لِتَنْدَفِع، فَإِنَّ الْمُسْتَحَبّ قَدْ يُتْرَك لِدَفْعِ الْمَفْسَدَة الْمُتَوَقَّعَة، وَهُوَ يَحْصُل بِالتَّرْكِ فِي بَعْض الْأَوْقَات ا هـ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ اِبْن الْعَرَبِيّ بِقَوْلِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَل ذَلِكَ فِي الْأَغْلَب لِلْقُدْرَةِ، وَيُقْطَع أَحْيَانًا لِئَلَّا تَظُنّهُ الْعَامَّة سُنَّة ا هـ. وَهَذَا عَلَى قَاعِدَتهمْ فِي التَّفْرِقَة بَيْن السُّنَّة وَالْمُسْتَحَبّ ".

ـ[أبو الحارث الحنبلي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 12:38 ص]ـ

.......

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير