تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وظاهر هذا عدم الجواز في الأقسام الأربعة, فلا يجوز استخدام النار مع وجود الذرية سواء خيف على المسلمين أم لا, وسواء أمكن غيرها أم لا.

قال ابن رشد في الحصون:

" وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ وَيُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. "

ويفهم من كلام ابن رشد أن أصبغ انفرد بتجويز القتال بالنار في حال وجود الذرية, ولم يقيد ابن رشد ما نقله عن أصبغ بأنه في حال عدم إمكان غير النار, أو في حال الخوف على المسلمين.

والذي يليق بمذهب المالكية ويتفق مع أصوله تجويز استعمال النار في القسم الخامس, وهو أن يكون المقاتلون غير منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار وقد خيف على المسلمين, وذلك لأنهم نصوا على ذلك في السفن, إلا أنهم لم ينصوا على الجواز في هذه الحالة لأنها غير متصورة في واقعهم في الغالب, حيث يقول ابن رشد: " والفرق بينهما الضرورة إلى ذلك في السفن لأنهم إن لم يرموهم بالنار رموهم به فأحرقوهم ولا يقدرون على ذلك في الحصون "

إلا أنه يعكر على هذا أنهم ذكروا في حال انفراد المقاتلة عن الذرية الخلاف في حال عدم الخوف على المسلمين والوفاق في حال الخوف عليهم, مما يدل على تصورهم لوقوع الخوف على المسلمين في غير السفن, وهذا يشكل على كلام ابن رشد.

والذي يظهر لي والله أعلم, أن النص الذي كان يعلق عليه ابن رشد لم يذكر فيه مالك رحمه الله الخوف على المسلمين, فكلامه يحمل على حالة لم يخف فيها على المسلمين, وبهذا يستقيم توجيه ابن رشد, إلا أننا نجعله خارجا مخرج الغالب, فلو وجدت حالة يخاف فيها على المسلمين ولم يمكن استعمال غير النار ووجدت الذرية لم يلزم أن يفيد نص مالك هذا التحريم فيها. ومن المناسب هنا أن أنقل نص مالك رحمه الله:

" قال: ولا بأس أن ترمى الحصون بالمجانيق حصون العدو وإن كان فيهم نساء وصبيان. قلت: أيحرقون عليهم إذا اعتصموا بالغيران والقلاع التي لا تنال إلا بالتحريق أو يدخن عليهم حتى يغموا فيستأسروا وربما مات بعضهم غما؟ فقال والتدخين عليهم مكروه, ولا يصح أن يقاتلوا به. قلت: فكيف يصلح لنا أن نقاتلهم في السفن برمي النفط؟ "

هذا ما تيسر من تلخيص كلامهم في استعمال النار في غير السفن, وبه أختم الكلام في استعمال النار في القتال عند المالكية, ويليه فصول أخرى تأتي تباعا إن شاء الله

ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:54 م]ـ

تنبيه:

تبع الصنعاني في سبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار ابن حجر في وهمه حين قال:

" وَقَالَ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجُوز قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان بِحَالِ حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْل الْحَرْب بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَان أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْن أَوْ سَفِينَة وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاء وَالصِّبْيَان لَمْ يَجُزْ رَمْيهمْ وَلَا تَحْرِيقهمْ "

قال الصنعاني: " وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى إذَا تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ هُمَا فِيهِمَا مَعَهُمْ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ "

وقال الشوكاني: " وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، حَتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَجَعَلُوا مَعَهُمْ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ ".

فينبغي التنبه لذلك وألا يغتر بما ذكراه, فإنهما إنما نقلاه عنه, وهما مكثران في كتابيهما المذكورين من النقل عنه

ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 05:57 م]ـ

هل من معقب أو مستدرك, فإني لا أشارك هنا إلا لأستفيد من الإخوة الفضلاء ممن لهم عناية بالفقه وكتبه ولا سيما كتب المالكية

؟؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير