تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن رحمة الله بخلقه، أنه لم يجعل لهم ميقاتاً واحداً في إحدى جهاته، بل جعل لكل جهة محرماً وميقاتاً، لئلا تلحقهم المشقة بقصدهم ميقاتاً ليس في طريقهم، حتى جعل ميقات مَنْ داره دون المواقيت مكانه الذي هو فيه، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، فلا يلزمهم الخروج إلى الحل كفعلهم بالعمرة.

ما يؤخذ من الحديث:

1 - جعل هذه الأمكنة المذكورة مواقيت، لا يحل لمن أراد نسكاً تجاوزها بدون إحرام.

2 - أن ميقات من دون المواقيت من مكانه الذي هو ساكن فيه.

3 - أن ميقات أهل مكة منها، وهذا في الحج.

أما العمرة، فلا بد من الخروج إلى الحل وهو قول الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة.

وقال المحب الطبري: "لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة".

وقصة عائشة مشهورة ثابتة فلا يقاومها مفهوم الحديث.

4 - يدل قوله: "ممن أراد الحج والعمرة" أن من أراد دخول مكة لغير حج أو عمرة، بل لتجارة أو زيارة قريب ونحوه، أنه لا يجب عليه الإحرام. ثم إن تجدد له عزم على الإحرام أحرم من حيث عزم على أداء النسك ولو داخل المواقيت أو من مكة في الحج.

وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء، ويأتي تحقيقه قريباً إن شاء الله تعالى.

رحمة من الله تعالى بخلقه، حيث جعل لكل جهة ميقاتاً يكون في طريق سالكه إلى مكة، سواء أكان من أهل تلك الجهة أم لا.

ولو جعل الميقات في جهة واحدة، لَشقَّ على من لم يأت منه مشقة كبيرة.

6 - في تقدير النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت وتحديدها، معجزة من معجزاته الدالة على صدق نبوته.

فقد حددها، ووقتها، وأهلها لم يسلموا، إشعاراً منه بأن أهل تلك الجهات سيسلمون، ويحجون، ويحرمون منها، وقد كان، وللّه الحمد والمنة.

7 - تعظيم هذا البيت وتقديسه، إذ جعل له هذا الحمى، الذي لا يتجاوزه من قصده بنسك، إلا وجاء منه معظماً، مكرماً، خاشعاً، خاضعاً، بهذه الهيئة الخاصة.

اختلاف العلماء:

أجمع العلماء على مشروعية الإحرام لمن أراد دخول الحرم، سواء أكان دخوله لنسك أم غيره.

وأجمعوا على وجوب الإحرام لمن أراد دخوله للنسك.

واختلفوا في وجوبه على من أراد الدخول لغير نسك، كدخوله لتجارة، أو سكن، أو غير ذلك.

فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد: إلى وجوب الإحرام على من دخله، سواء أكان لنسك أم غيره، مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم في مكة: "إنَّهَا حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَلا تَحِلُّ لأحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ كَحُرمَتِهَا بِالأمْسِ".

واستدلوا بحديث ابن عباس عند البيهقي بلفظ: "لا يَدْخُلُ أحَدٌ مَكَّةَ إلاَّ مُحْرِماً". قال ابن حجر: إسناده جيد.

وذهب الإمام الشافعي في المشهور عنه: إلى جواز الدخول بلا إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة، وهو مذهب الظاهرية، ونصره ابن حزم في "المحلى" وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام "ابن تيمية"، وأبو الوفاء بن عقيل، قال ابن مفلح، في الفروع: وهي ظاهرة.

واستدلوا على ذلك بقوله في هذا الحديث: "ممن أراد الحج والعمرة".

وأجابوا عن الدليل الأول للموجبين بأن الحديث ليس له دخل في الإحرام، وإنما هو في تحريم القتال في مكة.

وأجابوا عن حديث ابن عباس، بأنه موقوف من طريق البيهقي ولا يحتج به فيما عداها من الطرق. والموقوف ليس بحجة.

ولم يوجب الله الحج والعمرة إلا مرة واحدة في العمر، والأصل براءة الذمة إلا بدليل موجب.

فائدة:

ما ذكر من الخلاف، في حق غير المتردد إلى الحرم لجلب الحطب أو الفاكهة ونحوهما، أو له بستان في الحل يتردد عليه، أو له وظيفة أو عمل في مكة، وأهله في "جدة" أو بالعكس.

فهؤلاء ونحوهم، لا يجب عليهم الإحرام عند عامة العلماء، فيما اطَّلَعْتُ عليه من كلام فقهاء المذاهب، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة من التحريم على كل داخل إلى مكة بغير إحرام. والعمل على خلافه.

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[16 - 11 - 07, 02:51 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن ينفع بك، وأن يجعل كل ما تقدمه من خدمات جليلة لطلبة العلم في ميزان حسناتك، وأن يجري لك ثوابها إلى يوم القيامة اللهم آمين.

ـ[مداد]ــــــــ[16 - 11 - 07, 03:18 ص]ـ

جزاك الله خيرا و بارك فيك ..

لكنك نسيت تذكر صاحب البحث، وإن لم أخطئ فهو للشيخ عبد الله البسام في شرحه لعمدة الأحكام ..

ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[16 - 11 - 07, 07:10 ص]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

شكرا لك أخي عيسى على هذه الدعوات الطيبة وبارك الله فيك.

فعلا أختي مداد هو الشيخ العلامة عبد البسام رحمه الله والبحث مأخوذ من شرحه على العمدة , بارك الله فيك.

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[16 - 11 - 07, 10:30 ص]ـ

ومن لا يعرف فضل الشيخ -رحمه الله- وفقهه وكتبه الماتعة. جزاك الله خيراً أخي الكريم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير