تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن هي رحمته، وهو حلمه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمته). فما هذه العبادة التي قمت بها؟ وما هذا الموقف الذي وقفته؟ وما هذه الجمرات التي رميت؟ وما هذه الليالي التي بت في جنب نعم الله، وفي جنب منن الله، وفي جنب فضائل الله وإحسان الله بي؟ فتأتي تلك الساعة وهو يحتقر العبادة. إياك ثم إياك أن يأتي وأنت تدلي على الله بالعمل، إياك ثم إياك أن تحس من النفس غرورها، أو يلتهب في النفس شرورها، فتقول: أنت العبد الصالح، ها قد أديت فريضة الله، ها قد فعلت وها قد فعلت. لا، إنها ساعة الفراق التي يمتلئ فيها القلب ذلة لله عز وجل وطمعاً في أن يتقبل الله منك العمل. كان عبد الله بن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) صحابياً جليلاً، حتى ورد في بعض كتب السير: -كما في الحلية وغيرها- (أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة) من صلاحه رضي الله عنه وأرضاه، وكان إذا رأى عبداً يصلي ويكثر الصلاة أعتقه لوجه الله، قالوا له: إنهم يخدعونك بكثرة الصلاة. قال: من خدعنا لله انخدعنا له. هذا الصحابي الجليل حضرته الوفاة فجلس يبكي فجاءه ابنه سالم ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000275&spid=68) ، وقال: يا أبتاه! ألم تكن كذا وكذا وكذا. يذكره بما كان عليه من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ يعدد فضائله التي فضله الله عز وجل بها حتى أكثر عليه، فقال رضي الله عنه: أجلسوني، ثم قال: يا بني! أتدري ممن يتقبل الله؟ http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ المائدة:27] .. ما عد نفسه شيئاً. إذا كان هذا عبد الله بن عمر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000021&spid=68) ، فكيف نحن نطمع بحسناتنا وصالح أقوالنا وأفعالنا؟! وما يدري العبد لعل ذنباً أصابه أوجب عليه سخطاً لا رضا بعده، ولعل كبيرةً أصابها، ولعل عبداً من عباد الله ظلمه بمظلمة لم يقبل الله عز وجل عليه بعدها؟! والأمور مردها إلى الله عز وجل: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[ المائدة:105]. لا أحد يدري هل قبل الله العبادة أم لم يقبلها؟! لذلك فإن الإنسان في هذه اللحظات يوصى باحتقار العمل، ولذلك قال العلماء: إن احتقار العمل من مظان القبول. إذا جاءت هذه اللحظة وصدرت عن البيت صدرت وكلك شوق وحنين أن يرحمك الله بقبول الحجة، وناديه وناديه وقل: يا رب! اقبل حجتي، واغفر ذنبي، وضع عني إصري. ادع الله دعاء المضطر ودعاء المستغيث المستجير به جل شأنه. حتى إذا انتهيت من ذلك فاسأل الله أن لا يجعله آخر العهد ببيته، بل تعود مرات ومرات. ذكر الحافظ ابن حجر ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000274&spid=68) رحمه الله عن بعض السلف: أنه وقف بمزدلفة -في المشعر- وقال: والله الذي لا إله إلا هو! إن لي ثلاثين عاماً أسأل الله ألا يجعله آخر العهد بهذا الموضع، وقد استجاب الله دعوتي، وإني لأستحيي أن أسأله هذا العام. فرجع فقبضه الله عز وجل. ولذلك من طمع في أن الله عز وجل لا يجعلها آخر حجة له فإن الله كريم قد لا يخيبه في طمعه، فاجعل في نفسك حنيناً ألا يجعلها آخر العهد ببيته، وألا يجعله آخر العهد بطاعته. حتى إذا رجعت إلى الديار، وأقبلت على الأمصار عندها تذكر ما بينك وبين الله من العهود، تذكر ما بينك وبين الله من المواثيق، وقل بلسان الحال والمقال: توبة نصوح لا ذنب بعدها إن شاء الله. قال بعض العلماء: من علامة قبول الحج أن يكون العبد بعد الحج أصلح منه حالاً قبل الحج. يا عبد الله! إذا لبيت لله فاعلم أنك قد عاهدت الله على توحيده؛ فإياك أن ترجع -والعياذ بالله- بالله مشركاً، إياك بعد أن ناديته وتشرفت بالوقوف بين يديه أن تستغيث بأحد سواه، أو تستجير بمن عداه، فقد وجدته حليماً رحيماً، ووجدته جواداً كريماً، فإلى أين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير