تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: (وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ) أي إلى الجانب الآخر، كلما نظر صرفه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الجانب الآخر.

وقولها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا) يعني أن النص الذي فيه الفريضة حصل بعد أن بلغ والدها الشيخوخة.

وقولها: (أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) يعني حجة الفريضة، (قَالَ: ((نَعَمْ))) يعني حُجي عنه.

هـ?ذا الحديث كما رأيتم في حجة الوداع، وحجة الوداع التي حجها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر عمره ولم يحج قبلها بعد هجرته.

وهل حج قبل الهجرة؟ فيه حديث رواه الترمذي بسند فيه نظر أنه حج مرتين، والظاهر أنه حج عدة مرات؛ لأنه المعروف في السِّير أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج إلى الموسم -موسم الحج- فيعرض نفسه على القبائل، ويدعوهم إلى الله عز وجل.

وقلنا: (فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيها: ((لعلي لا ألقاكم بعد عامي هـ?ذا))، وهـ?ذا كالمودع للناس، ولهذا لم يبقى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إلا مدة وجيزة حتى توفاه الله عز وجل.

هـ?ذا الحديث يقول: إن الفضل كان رديف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان حين قام أو حين دفع من مزدلفة إلى مِنى يوم العيد، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أردف في دفعه من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد، ومن مزدلفة إلى منى الفضل بن عباس، وهؤلاء ليسوا من كبار القوم.

أسامة ابن مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن حارثة، فلم يختر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشراف القوم ووجهاءهم أن يكونوا هم الذين يردفهم على ناقته؛ بل كان من صغار القوم في السن، واختار المولى يردفه من عرفة إلى مزدلفة؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعتني بالمظاهر ولا تهمه؛ بل كان من عادته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه يكون في أخريات القوم يتفقدهم، لا يكون هو الأول، في سفره يكون هو الأخير حتى يتفقد أصحابه وينظر من يحتاج إلى أمر، وقصة جابر في جمله واضحة؛ فإن جابر بن عبد الله كان معه جمل ضعيف لا يمشي، يقول: فلحقني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضرب الجمل ودعا، فسار الجمل سيرا لم يسر مثله قط، حتى صار الجمل يكون في مقدمة القوم وجابر يرده؛ لأن الرسول دعا له عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أتبيعني إياه))، كان في الأول يريد أن يسيّبه يتركه ما فيه فائدة، قال: ((نعم) قال: ((بعنيه بأوقية)) كم الأوقية؟ أربعون درهما، فباعه فاشترط أن يحمله إلى أهله في المدينة، فأعطاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرطه، فلما وصل إلى المدينة دفع إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثمن، وقال له: ((خذ جملك ودراهمك فهو لك)) اللهم صل وسلم على نبيك.

المهم أن الحديث يدل على أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عادته كان يكون في أخريات القوم.

وقوله: (فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مَنْ خَثْعَمَ) أي من القبيلة المعروفة خثعم، تريد أن تسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من عادة النساء؛ بل من المشروع في حقهن في حال الإحرام أن يشكفن وجوههن، وهي جاءت كاشفة وجهها؛ لأن هـ?ذا هو المشروع في إحرام المرأة إذا لم يكن عندها رجال أجانب.

والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ابن حجر أن من خصائصه أنه يجوز له من النظر إلى المرأة والخلوة بها ما لا يجوز لغيره، وهي تقابل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآن؛ ولكن الفضل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكان رديف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان شابا وسيما -يعني جميلا- فجعل ينظر إليها وتنظر إليه، ونظر رجل شاب لامرأة وهي تبادله النظر يخشى منه الفتنة مهما كان الإنسان، ولكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سد ه?ذا الباب (وَجَعَلَ .. يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ) ولم يأمر المرأة أن تغطي وجهها؛ لأن المشروع في حق النساء -كما قلت- الكشف عن وجوههن في حال الإحرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير