تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ, وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَنْكِحُ اَلْمُحْرِمُ, وَلا يُنْكِحُ, وَلا يَخْطُبُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ اَلأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ صَيْدِهِ اَلْحِمَارَ اَلْوَحْشِيَّ, وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ, قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ, وَكَانُوا مُحْرِمِينَ: ((هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ ?)) قَالُوا: لا. قَالَ: ((فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[الشرح]

بسم الله الرحمـ?ن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

سبق لنا أن من محظورات الإحرام اللباس سواء كان على الرأس أو البدن أو القدم أو اليد، على الرأس كالعمامة، القدم كالخفين، البدن كالقميص والسراويل والبرانس، واليدين كالقفازين، وأن ه?ذا حرام على الرجل وحده إلا القفازين فحرام عليهما جميعا، لأنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تلبس المرأة القفازين.

وسبق لنا أنه إن لم يجد نعلين فليلبس الخفين بدون فدية، وإن لم يجد إزارا فليلبس السراويل بدون فدية أيضا.

وذهب بعض العلماء إلى أن عليه فدية إذا لبس السراويل أو الخفين؛ ولكن لا دليل عليه؛ بل الدليل على خلافه فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباح ه?ذا إباحة مطلقة بدون أن يذكر فدية، على أن وجوب الفدية في لباس ه?ذه الأشياء في النفس منه شيء، وذلك أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمها ولم يذكر لها فدية.

وسبق لنا أيضا أنه لا يلبس ثوبا مسّه الزعفران أو الورس، وهل هو من أجل اللون أو من أجل الرائحة؟ قلنا: يشملهما جميعا؛ ولكن لو فرض أنه لبس ثوبا مسّه طيب بدون لون فهو داخل في النهي؛ لأن العلة هي الطيب.

من فوائد الحديث أنه لو خالف فلبس فليس عليه فدية، الدليل لو كان عليه فدية لبينها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن تتبعنا السّنة فلم نجد أن عليه فدية في ه?ذه الأشياء، فإن كان هناك إجماع فالدليل هو الإجماع، فإن لم يكن هناك إجماع فالأصل براءة الذمة، ولا نلزم عباد الله ما لم يلزمهم الله عز وجل، ه?ذا هو الأصل، وه?ذا هو القاعدة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن لبس المخيط فيها الفدية.

وما هي الفدية؟ قالوا: الفدية هي فدية حلق الرأس: صيام أو صدقة أو نسك، الصيام كم؟ .. ، الصدقة؟ .. ، لكل مسكين نصف صاع، والنسك ذبح شاة يوزعها على الفقراء.

إذا قالوا: إن في ه?ذا فدية، لماذا؟ قالوا: قياسا على وجوبها بحلق الرأس.

والقياس تعلمون لابد فيه من أصل وفرق وعلة جامعة وحكم.

الحكم متفق على رأي جمهور العلماء بين ه?ذا وبين فدية حلق الرأس، والأصل فدية حلق الرأس والفرع فدية لبس ه?ذه الأشياء، إيش بقي؟ بقيت العلة الجامعة، ما هي العلة الجامعة؟ قالوا: العلة الجامعة هي الترفه؛ لأن حلق شعر الرأس إنما وجبت فيه الفدية لأنه ترفه بحلقه حيث أزال عنه الأذى، وإزالة الأذى ترفه.

فنحن ننظر: هل العلة الترفه؟ وهل الترفه الحاصل بدفع الأذى كالترفه الحاصل بكمال الزينة؟ لأننا قد نمانع في أن العلة في وجوب الفدية في حلق الرأس هي الترفه، فإن من الممكن أن يقول قائل: العلة في تحريم حلق الرأس في الإحرام هي أن الرأس يتعلق به نسك فإن حلق الرأس وتقصيره من واجبات الحج والعمرة، ولو أن المحرم حلقه لفات ه?ذا النسك، فكان لزاما عليه أن يبقيه من أجل أن يتنسك لله تَعَالى? بإزالته حلقا أو تقصيرا.

ثم نقول: الترفه الحاصل بالحلق ليس كالترفه الحاصل بسبب هـ?ذه الثياب، الترفه الحاصل بالحلق من أجل إزالة أذى فهو رفع ضرر، أما ه?ذه فالترف فيها من باب الزينة والسهولة في الملبس ونحو ذلك، فافترقت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير