تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فوائد الحديث بيان عظمة الكعبة لأنّها لم تحل لأحد من الناس قبل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، ولم تَحِلَّ للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بقدر الضرورة لقوله: (وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ).

ومن فوائدها أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها بقدر الضرورة؛ أي أن ما أبيح للضرورة لا يجوز أن يُتعدّى به موضع الضرورة، وه?ذه قاعدة نافعة في كل الأحكام؛ أن ما أبيح للضرورة أنه لا يجوز أن يتعدى به محلّ الضرورة؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبيحت له ساعة من نهار إذْ لا يتمكن أن يُزيل ه?ذا الكفر والشرك حتى تكون مكة بلاد إسلام إلا بهـ?ذا القتال، ولو لا ذلك ما تمكن، لبقيت بمن فيها من الكفار ولم يستطع أحد الوصول إليها.

ومن فوائد الحديث تحريم القتال بمكة، لقوله: (وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي)؛ ولكن إذا قوتل الإنسان فله أن يقاتل لقوله تَعَالى?: ?وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ? [البقرة:191]، ولهذا أجاز النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قتل القصاص؛ لأنه قتل بحق وهو قتل أخص من القتال؛ لأنه قد يجوز القتال ولا يجوز القتل، لو ترك أهل بلد الأذان والإقامة وجاز قتالهم بل وجب قتالهم؛ ولكن لا يجوز قتلهم، فإذا استسلموا ما نقتلهم ولا نجهّز على جريحهم.

ومن فوائد الحديث جواز النسخ في الأحكام الشرعية؛ لأن تحريم مكة نسخ.

ومنها جواز توقيت النسخ، حيث نسخ التحريم إلى الحل ساعة من نهار.

ومنها إثبات الحكمة لله عز وجل لأن ه?ذا النسخ الموقت لحكمة.

ومنها تعليل الأحكام الشرعية وأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.

ومن فوائده تحريم الصيد في مكة، لقوله: (فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) وتحريم قتله من باب أولى.

ومن فوائد الحديث تحريم قطع الشجر صغيره وكبيره مؤذيه وغير مؤذيه لقوله: (وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا)، ه?ذا إذا كان الشجر نبت بفعل الله عز وجل، أما ما نبت بزرع الآدمي فإنه ملكه له أن يتصرّف به بما شاء، فلو غرس إنسان نخلة بمكة فله أن يقطعها، ولو غرس شجرة فله أن يقطعها، ولو زرع فله أن يحصد، أما ما نبت بدون فعل الآدمي فإنه محترم لا يجوز قطعه.

ومنها -أي من فوائد الحديث- أن لقطة الحرم لا تملك بالتعريف، لقوله: (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ)، وه?ذا هو القول الصحيح.

ومنهم من قال: إن لقطة الحرم كغيرها تملك بالتعريف، وإنما قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) من باب التأكيد على الإنشاد.

ولكن الصحيح الأول، فإن قال قائل: إذا علم الإنسان أنه لابد أن ينشدها مدى الدهر إلى أن يجد صاحبها فإنه لن يأخذها؟

نقول: لا يأخذها، الشارع ما أراد إلا ه?ذا، أن لا تأخذها، إذا جاء ثان لا يأخذها، وثالث لا يأخذها .. حتى تبقى في مكانها وصاحبها إذا فقدها رجع من حيث جاء ووجدها، حتى يبقى كل شيء آمنا.

لكن في عصرنا الآن نرى أنه إن تركها لجاء من بعده وأخذها، وجاء من لا يسأل من يأخذها للتملك.

فنقول: حينئذ إذا كان يخاف أن تؤخذ على وجه التملك وأن لا يبحث عن صاحبها، فالأولى أن يأخذها ويسلمها إلى الجهة المسؤولة، إلى ولي الأمر وبذلك تبرأ ذمته، ه?ذا ما لم يكن بعلم صاحبها، فإن علم صاحبها بكتابة أو وسم أو شبهه فإنه يأخذها ويسلمها له.

ومن فوائد الحديث أن أولياء المقتول لهم الخيرة بين القتل والدية لقوله: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) وأنه لا فرق بين أن يكون ذلك في مكة أو في غيرها.

ومن فوائد الحديث جواز القتل في مكة بحق لقوله: (فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ)، فإذا زنا الإنسان بمكة وهو محصن، فإننا نقتله، لا نقول: ه?ذا في مكان آمن؛ لأنه من حيث المعنى والعلة لأنه لما انتهك حرمته صار هو لا حرمة له.

وكذلك لو وجب على شخص قتل للفساد في الأرض، فإننا نقتله لو أن أحد ارتد في مكة وصار لا يصلي وأبى أن يتوب فإننا نقتله؛ لأن ه?ذا إذا قُدِّر أننا لسنا سنقتله أو صار الحكم ضعيفا لا يجرؤ على قتله فإنه يجب إخراجه لأنه كافر، والكافر لا يجوز إقراره في مكة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير