تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وه?ذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى ه?ذا فلا نقول لكل من أراد أن يحج أو يعتمر: اشترط. إلا إذا كان هناك خوف؛ يخاف من مانع يمنعه من إتمام نسكه فنقول: اشترط؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أمر ضباعة بنت الزبير ولم يشترط هو، وه?ذا جمع بين الأدلة واضح.

فإن قال قائل: أفلا تستحبون الاشتراط في ه?ذا الوقت مطلقا لكثرة الحوادث؟

فالجواب: لا، لا نستحب ذلك له، لأن الحوادث الواقعة في عصرنا إذا نسبتها إلى المجموع وجدت أنها قليلة، ما هي محل مخافة، قليلة جدا، ومطلق الحوادث موجود في عهد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإن الصحابي الذي وقصته ناقته في عرفة مات بحادث.

إذن نقول: إن وجود الحوادث في الزمن ه?ذا لا يوجب أن نستحب له الاشتراط.

نعم لو كان الإنسان مريضا وخاف أن لا يستطيع الإتمام فليشترط.

ومن فوائد الحديث أن المرض اليسير لا يمنع وجوب الحج، قال: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي)، ولم يأذن لها بالترك.

ومن فوائد الحديث جواز الاشتراط في العبادات، وهل نقول: إن الاشتراط في العبادات جائز في كل عبادة؟ أو نقول: هو خاص في الحج لطول مدته ولصعوبته ومشقته؟ قد يقول قائل: إنه يجوز في كل عبادة، مثل أن يشترط الإنسان عند دخوله في الصلاة قال مثلا: إن استأذن علي فلان فلي أن أقطع الصلاة وهي فريضة. وقد نقول بعدم الجواز للفرق بين الحج وغيره وهو: طول الزمن والمشقة؛ لكن الصلاة زمنها قليل، الصيام زمنه قليل، وإلا فقد يقول قائل: إذا جاءه رمضان وهو مريض يدخل في الصوم ويقول إن شق علي فلي أن أفطر. نقول: ما حاجة للاشتراط ه?ذا لأن الإنسان إذا كان مريضا وشق عليه يفطر اشترط أو لم يشترط فلا حاجة للاشتراط بخلاف الحج.

ومن فوائد ه?ذا الحديث أن المشترط يحل مجانا؛ أي بدون حلق وبدون دم وبدون قضاء؛ لقوله في اللفظ الآخر: ((فإن لكِ على ربك ما استثنيت)).

ومن فوائد ه?ذا الحديث أنه قال: (محلي حيث حبستني) فإنه بمجرد ما يحصل المانع يتحلل ولكن لو قال: (فلي أن أحل حيث حبستني) صار بالخيار, أيهما أحسن؛ أن يقول: فلي أن أحل أو فمحلي حيث حبستني؟ قد يقول قائل: الأول أحسن؛ يعني فلي أن أحل، ليكون الإنسان بالخيار، إن شاء استمر وإن شاء استمر وإن شاء أحل، وقد يقول الإنسان إن اللفظ الذي ذكره النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لا يعدل به شيء، معناه أنه أفضل من غيره، على أن قوله: فمحلي حيث حبستني يظهر لي أن المراد به الإباحة، مثل فأحل لي الأمر عند توهم المنع يفيد الإباحة فقط، وأنه لا يعني أنه بمجرد أن يحصل المانع للإنسان يحل الإنسان بل هو بالخيار إن شاء مضى وإن شاء حل.

ما الفائدة من الاشتراط؟ أنه يحل مجانا ليس عليه هدي ولا قضاء ولا حلق ولا تقصير إن كان امرأة، لكن لو لم يفعل ذلك لكان حكمه ما سبق.

هل يؤخذ من ه?ذا الحديث ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام؟ نعم، قد يؤخذ منه ترجيح قول من يقول: إن الإحصار عام من كل مانع، لقوله: فحبسني حابس. وهي إنما شكت المرض لم تشك غيره.

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:18 م]ـ

[الحديث السادس والستون]

وَعَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ اَلْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو اَلأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كُسِرَ, أَوْ عَرِجَ, فَقَدَ حَلَّ وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ)) قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ? فَقَالا: صَدَقَ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.

[الشرح]

قال: (مَنْ كُسِرَ, أَوْ عَرِجَ) (كُسِرَ): في يده أو رجله أو أي عضو من أعضائه الذي يمنعه من إتمام النسك، (أَوْ عَرِجَ): ه?ذا في الرِّجل أصابه مرض في رجله وصار أعرجا ما يستطيع المشي، فماذا يصنع؟ قال: (فَقَدَ حَلَّ وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ)، (فَقَدَ حَلَّ) تحتمل ه?ذه الجملة معنيين:

المعنى الأول لقد جاز له الحل.

والمعنى الثاني فقد حل فعلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير