وعن الحكمة في تأخير صفوف النساء يقول الشيخ عطية صقر: "والحكمة فى جعل النساء فى الصفوف الخلفية تظهر فى أمور، منها (1) أن المرأة ليست فى مستوى الرجال وبخاصة أولوا الأحلام والنهى فيما يتميزون به مما سبق ذكره. (2) أن تقدمها أمام الرجال فيه صورة إمامتها لهم، وهى ممنوعة باتفاق الأئمة. (3) أنها تشغل الرجال عن الخشوع فى الصلاة بمجرد وجودها أمامهم، وذلك أمر طبيعي وعند ركوعها وسجودها يكون الانشغال أشد، وهو ما يفسر به حديث قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلى عند جمهور الفقهاء. (4) ألا تختلط صفوف الرجال بالنساء إذا تخللن صفوفهم فيكون انصرافهن بعد انتهاء الصلاة أيسر، وكان من المأثور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينصرف عقب الصلاة مباشرة بل ينتظر هو وأصحابه حتى ينصرف النساء أولا. (5) هذا، وكان من المتبع في ترتيب الصفوف في الجماعة أن يكون الرجال في الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء، كما رواه أحمد. وتوسط الصبيان فيه شدة حيطة من انشغال الرجال بالنساء، فمن الجائز أن بعض من فى الصف الذي يليه صف النساء إذا ركع لمح بنظره بعض النساء، ولا شك أن الخشوع في الصلاة أساس قبولها كما قال تعالى (قد أفلح المؤمنون. الذين هم فى صلاتهم خاشعون) " [58]
قال الطوسي في النهاية: "ولا تؤم المرأة بالرجال" [59]
قال المرداوي: "قوله ولا تصح إمامة المرأة للرجل: هذا المذهب مطلقا؛ قال في المستوعب هذا الصحيح من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي والمحرر والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد العناية والإفادات وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع البحرين والشرح والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي" [60]
قال ابن مفلح في المبدع:
"لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في الصحيح من المذهب وهو قول عامتهم قال البيهقي وعليه الفقهاء السبعة والتابعون" [61]
قال الشاشي في حلية العلماء:
"ولا تصح إمامة المرأة للرجال. وحكي عن أبي ثور وابن جرير الطبري أنه يجوز إمامتها في صلاة التراويح إذا لم يكن هناك قارىء غيرها وتقف خلف الرجال" [62]
قال في المحرر:
"ولا تصح إمامة المرأة، ولا الخنثى إلا بالنساء، ولا تصح إمامة كافر، ولا أخرس " [63]
وفي دليل الطالب:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجال" [64]
وفي عمدة الفقه:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجال ومن به سلس البول والأمي الذي لا يحسن الفاتحة أو يخل بحرف منها إلا بمثلهم" [65]
وفي منار السبيل:
"ولا تصح إمامة المرأة بالرجل" [66]
قال في السيل الجرار:
"أقول لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن بعد صفوف الرجال وذلك لأنهن عورات وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا ولا يقال الأصل الصحة لأنا نقول قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولي شيء من الأمور وهذا من جملة الأمور بل هو أعلاها وأشرفها فعموم قوله لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما في الصحيحين وغيرهما يفيد منعهن من أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال" [67]
صفوة القول
بعد هذا التطواف حول آراء العلماء وبعد البحث والنظر والمناقشة أرجح الرأي القائل بعدم جواز إمامة المرأة للرجال في الفرض والنفل، وعدم صحة صلاة من يصلي وراءها .. كما أرى عدم جواز خطبة المرأة للجمعة وعدم صحة من يصلي وراءها ويجب عليهم إعادتها ظهراً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] الونشريسي: المعيار المعرب ـ دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ ج10 ـ ص78.
[2] الونشريسي: المعيار المعرب ـ دار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ ج10 ص78.
[3] سورة النور آية 30.
[4] سورة النور آية 31.
[5] سنن الترمذي: الحديث رقم 3004. قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. والحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب النكاح برقم 2151. وفي مسند أحمد: مسند علي بن أبي طالب برقم 1389. وفي سنن الدرامي كتاب الرقاق 2765. وفي سنن البيهقي كتاب النكاح برقم 13898.
[6] صحيح مسلم الحديث رقم 5770.
[7] ابن القيم: زاد المعاد ـ تحقيق حمدي بن محمد آل نوفل ـ مكتبة الصفا ـ القاهرة ـ ط1 ـ 1423هـ ـ ج1 ص146.
¥