وقال شيخ الإسلام: وقد اختلفوا في الصحابة المتمتعين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولاً بالبيت وبين الصفا والمروة.
لما رجعوا من عرفة قيل أنهم سعوا أيضا بعد طواف الإفاضة وقيل لم يسعوا وهذا هو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر قال: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول.
وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين لكن هذه الزيادة قيل أنها من قول الزهري لا من قول عائشة، وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب الطوافان في البيت. وهذا ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر ويؤيده قوله: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) فالمتمتع من حيث أحرم بالعمرة دخل في الحج لكنه فصل بتحلل ليكون أيسر على الحاج وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.
الفتاوى (139 - 26).
وقال سملة بن كهيل: حلف لي طاووس أنه لم يسع أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة بعد أن رجعوا من منى. أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
فما الرد أخي الفاضل على هذه النصوص الصريحة الصحيحة؟
قال شيخ الإسلام: وكذلك السعي عن أحمد في أنص الروايتين عنه لا يوجب على المتمتع إلا سعياً واحدا. الفتاوى (197 - 26).
أخي الفاضل، أن طالب العلم إذا نشأ على مذهب معين قد تربى عليه طول عمره ثم عرضت عليه مسالة من مسائل النزاع بنى على ما عنده!!
قال شيخ الإسلام: وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع وإنما الحجة النص والإجماع ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشريعة ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم مثل المحدث عن غيره والشاهد على غيره لا يكون حاكما، والناقل المجرد يكون حاكياً لا مفتيا. الفتاوى (203 - 26).
أما قول بعض الجهلة المقلدين: إنكم خالفتم المفتى به في هذا الزمان، فنقول: إن الإمامين الجليلين العالمين الربانيين ابن باز وابن عثيمين. قدس الله أرواحهم في الجنة قد اختلفوا في طواف المحدث حدثاَ أصغر، فالشيخ ابن باز رحمه الله يشترط الطهارة ويلزم من هذا أنه إن طاف محدثاً لم يتم حجه لأنه طاف طواف الإفاضة وهو محدث ولو جامع زوجته جامعها وهو محرم ... إلى غير ذلك من اللوازم، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله وافق شيخ الإسلام في صحة طوافه مع الحدث الأصغر وانتفاء تلك اللوازم وكذلك الشيخ ابن باز _ رحمه الله وافق شيخ الإسلام في طواف الحائض عند الضرورة.
وهذا الشيخ عبد الله ابن حبرين. يفتي بجواز الرمي قبل الزوال يوم الثاني عشر موافقة لجمع من الأئمة المتقدمين، وقد صح الأثر عن عبد الله ابن الزبير رضي الله عنه أنه رمى قبل الزوال. فعلى أولئك الجهلة المقلدين أن يعظموا النصوص وأن يبحثوا عن الحق كما قال الإمام أحمد رحمه الله: لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً وخذوا من حيث أخذنا.
أخي الفاضل آمل إطلاع الإخوة المشاركين على هذه الرسالة الموجزة وأخص الشيخ الدكتور صالح الغزالي لأني رأيته معظماً للنصوص ..
زادنا الله وإياكم هدى وتوفيقاً وعلماً.
أخوكم / أبو طارق سعيد بن هليل العمر الشمري
مدير المعهد العلمي في حائل
15/ 12/1423هـ
منقول للفائدة