[تحريم العينة، وجواز التورق بلا قيد ولا شرط العلوان]
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[26 - 11 - 07, 10:24 ص]ـ
تحريم العينة، وجواز التورق بلا قيد ولا شرط
سليمان بن ناصر العلوان 26/ 3/1424
كتب هذا البحث جواباً على سؤال ورد لفضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حول صورة التورق والعينة، وحكمهما، ويسر الموقع أن ينشر البحث الذي خص فضيلة الشيخ سليمان العلوان الموقع به.
العينة: في اللغة السلف 0
وصورتها في الشرع: أن يبيع من رجل سلعة بحوزته بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعه به، ومن ذلك أن يبيع سلعة بنقد ثم يشتريها منه بأكثر منها نسيئة 0
وهي محرمة في قول أكثر العلماء، وهي وسيلة إلى الربا، وموصلة إليه، خلافاً للشافعي وأبي يوسف رحمها الله تعالى حيث أجازاها 0
قال النووي في روضة الطالبين (3/ 416) فصل: ليس من المناهي بيع العينة بكسر العين المهملة وبعد الياء نون، وهو أن يبيع غيره شيئاً بثمن مؤجل ويسلمه إليه ثم يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك الثمن نقداً 0
وكذا يجوز أن يبيع بثمن نقداً ويشتري بأكثر منه إلى أجل، سواء قبض الثمن الأول أم لا. وسواء صارت العينة عادة له غالبة في البلد أم لا. هذا هو الصحيح المعروف في كتب الأصحاب، وأفتى الأستاذ أبو إسحق الاسفراييني، والشيخ أبو محمد بأنه إذا صار عادة له صار البيع الثاني كالمشروط في الأول فيبطلان جميعاً 0
ونقل أيضاً في المجموع (9/ 261) عن الرافعي قوله - بعد كلام له سبق - لأن الاعتبار عندنا بظاهر العقود، لا بما ينويه العاقدان، ولهذا يصح بيع العينة، ونكاح من قصد التحليل ونظائره 0
وجاء في حاشية ابن عابدين (5/ 273) وعن أبي يوسف العينة جائزة مأجور من عمل بها، كذا في مختار الفتاوى الهندية .. ) 0
والصواب منع ذلك، وتأثيم مَنْ فعلها، وذلك لوجوه:
1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيعتين في بيعة) أخرجه الإمام أحمد (2/ 432) والشافعي (532) والنسائي (7/ 295) والترمذي (1231) كلهم من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه 0
وقال الترمذي حديث حسن صحيح 0
والعينة هي المقصودة في هذا الخبر 0
2 - أن الوسيلة إلى الربا حرام، ولا يختلف العلماء في تحريم الربا، والعينة وسيلة إليه، وحين سئل ابن عباس عن حريرة بيعت إلى أجل، ثم اشتريت بأقل. فقال: دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة. رواه سعيد وغيره، وجاء نحوه عند عبد الرزاق في مصنفه. وسئل أنس عن العينة، فقال: إن الله لا يُخْدَع هذا مما حرم الله، ورسوله. عزاه ابن القيم لمطين في كتاب البيوع 0
3 - ما جاء عند الإمام أحمد في مسنده، من طريق الأعمش، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء، فلا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) 0
وهذا خبر ضعيف، وقد جاء من غير وجه، ولا يصح، وذهب شيخ الإسلام، وابن القيم، إلى تقويته بمجموع طرقه 0
4 - ما رواه علي بن الجعد في مسنده (80) ومن طريقه البيهقي في سننه (5/ 330) عن شعبة عن أبي إسحاق قال دخلت امرأتي على عائشة، وأم ولد لزيد بن أرقم، فقالت لها أم ولد زيد: إني بعت من زيد عبداً بثمانمائة نسيئة واشتريته منه بستمائة نقداً، فقالت عائشة رضي الله عنها (أبلغي زيداً أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب بئسما شريت وبئس ما اشتريت) 0
قال البيهقي رحمه الله تعالى: كذا جاء به شعبة عن طريق الإرسال 0
وهذا الخبر: طُعِن فيه بعلتين:
1 - جهالة العالية، وقد رد حديثها الشافعي في الأم، والدارقطني، وابن حزم في المحلى 0
ورُد هذا، بأن العالية معروفة، فقد دخلت على عائشة، وسمعت منها 0
قال ابن الجوزي في التحقيق – العالية - جليلة القدر، معروفة 0
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/ 558) هذا إسناد جيد، وإن كان الشافعي قد قال: إنا لا نثبت مثله على عائشة رضي الله عنها، وكذلك قول الدارقطني في العالية إنها مجهولة لا يحتج بها، فيه نظر. وقد خالفه غيره) 0
¥