ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[24 - 01 - 08, 02:28 ص]ـ
اخي الحبيب / ابورشيد الهلالي , رفقا بالاخوة فاني اراك اعصارا يعصف بكل ما امامه .. وما ذلك الا لقوة ما ذكرت وصواب ما اسلفت , فوالله ان لخطر هذه الخادمات لهو اشد من ترك الميتة للمضطر , فموته اهون من ان يقع في محارم الله , اعاذنا الله واياك والاخوة من ذلك. ولقد قال احد السلف: والله اني لا آمن على نفسي ان ابقى مع جارية سوداء قبيحة او كما قال رحمه الله.
ولكن يبقى ايها الحبيب: ان المسألة تحتاج الى نظر! وذلك ان القول بتحريم استقدام الخادمات لهذا السبب قفط (وهو سفرهن من دون محرم) يترتب عليه امر عظيم خطير وهو: تأثيم جمع غفير من المسلمين ممن وقع في هذا الامر , وهذه مسألة خطيرة ينبغي للمسلم ان يربأ بنفسه عن اقحام نفسه في مثل ذلك , فان السلامة لا يعدلها شيء , سيما في مسألة كهذه قد سبق فيها الخلاف بين اهل العلم , فلا يخفاك ايها الحبيب ان القول بجواز سفر المراة بدون محرم اذا كانت مع رفقة آمنة هو محل خلاف بين اهل العلم (قال النووي في: "المجموع" (7/ 70): " (فرع) هل يجوز للمرأة أن تسافر لحج التطوع؟ أو لسفر زيارة وتجارة ونحوهما مع نسوة ثقات؟ أو امرأة ثقة؟ فيه وجهان، وحكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي وآخرون من الأصحاب في: (باب الإحصار). وحكاهما القاضي حسين والبغوي والرافعي وغيرهم. أحدهما: يجوز كالحج. والثاني: وهو الصحيح باتفاقهم، وهو المنصوص في (الأم) " أ. هـ المراد. وقال ابن الملقن في: "الإعلام" (6/ 81): "فإن كانا ـ أي: الحج والعمرة ـ تطوعين، أو سفر زيارة أو تجارة، ونحوها من الأسفار التي ليست واجبة. فقال الجمهور: لا تجوز إلا مع زوج أو محرم. وقال بعضهم: يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات لحجة الإسلام. وفي مذهب مالك ثلاثة أقوال عند عدم الولي" أ. هـ المراد ........
وقد اسْتَوْجَه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا القول، حكاه عنه ابن مفلح في: "الفروع" (3/ 236) بقوله ـ وسبق ـ: "وعند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: (إن هذا مُتَوَجِّه في كل سفر طاعة) كذا قال ـ رحمه الله ـ "أ. هـ. وفي بعض ما ذُكِر سابقاً من أدلة دلالة على صحة هذا القول، ويؤكِّده أنه جاء في الخبر ـ وسبق ـ فعل عائشة رضي الله عنها له. قال البدر العيني في: "عمدة القاري" (7/ 128): "روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت تُسَافر بغير محرم، فأخذ به جماعة وجَوّزوا سفرها بغير محرم" أ. هـ المراد. وقال الحافظ في: "الفتح" (4/ 88): "واستُدِلّ به على جواز حج المرأة بغير محرم" أ. هـ.
ودليل الجمهور حديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم" ونحوه. لكن قال ابن عبد البر في:"الاستذكار" (27/ 274): "والذي جَمَعَ معاني آثار الحديث ـ على اختلاف ألفاظه ـ أن تكون المرأة تُمْنَع من كل سفر يُخْشى عليها فيه الفتنة، إلا مع ذي محرم أو زوج، قصيراً كان السفر أو طويلاً. والله أعلم" أ. هـ. وبنحوه في: "التمهيد" (21/ 55).)
ا. هـ مختصرا من فتوى للشيخ صالح الاسمري.
واذا تأملت اخي الحبيب في حال هؤلاء الخادمات , فانهن:
1 - فقيرات وانما سافرن لللحاجة وربما للضرورة ولولاها ماهجرن اوطانهن واولادهن واهليهن لكي يخدمن في البيوت.
2 - يأتين في العادة في رفقة كثيرة من النساء يمتنع في العادة تواطؤهن على الحرام.
3 - اذا وصلن الى المطار فلا يمكن لأحدهن الفرار يمنة او يسرة بل تسلم الى كفيلها الذي هو أشبه بالأمين عليها.
وهذا انما هو في المسلمات لا في الكافرات فيخرج ما ذكرته من كلام عمر رضي الله عنه في الاعاجم فالمراد بهم الكفار.
اذا تقرر هذا , فتبقى مسألة الخلوة في البيوت بالخادمات؟
فهذه مسألة لا تتعلق بالخادمات المستقدمات من الخارج فحسب بل هي تصدق حتى على الخادمات من اهل البلد بل حتى على القريبات من غير المحارم , فالخلوة بالمرأة من غير المحارم ايا كانت خادمة او غيرها حرام بالاتقاق , والمقصود ان مسألة الخلوة لا تلزم من استقدام الخادمات لأن تلافي هذا الامر ليس بمحال بل وليس بشاق حتى يجعل سببا في تحريم استقدامهن في الاصل.
وليس الامر هنا من التعاون على الاثم فقد قدمنا ان المسألة محل خلاف ثم هي مضطرة للخدمة لتأمين عيشها وعيش ابناءها , فالسفر في حقها حينئذ جائز.
واما استخدام الخدم في البيوت فلا سبيل لأحد ان يمنعه فان الاصل جوازه كما هو معلوم واما مسألة الافضل كما في حديث فاطمة فهذا خارج عما نحن فيه فليس هو المرد بالمسألة.
وأما التزوج بها واخدامها للزوجة الاولى فهذا مخاطره لا تخفى سيما مع انتشار السحر بينهن , ولا شك ان النفس بطبيعتها تأبى مثل ذلك فحملها على غير طبيعتها مصيره الى الانفجار وهو الانتقام واسهل طرقه السحر عندهن أعاذنا الله واياكم من الشرور والفتن.
والمعافى هو من عافاه الله من سائر الخدم واختار ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيته.
وهذاالكلام مني ليس تقريرا للجواز ولا فتوى به وأنى لي ذلك , وانما هو مشاركة احببت طرحها لأعلم صوابها من خطأها من أشياخ هذا الصرح المبارك.
والله أعلم