تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المطلب الثاني: إدراك حكم الجماعة ..

فرق الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - بين إدراك فضل الجماعة، فاختلفوا فيه على قولين كما سبق وبين إدراك حكمها، وممن فرق بين إدراك الفضل والحكم الحنفية والمالكية، وأشار إليه بعض الحنابلة.

ومعنى إدراك الحكم كما فسره المالكية: أن لايقتدى به، ولا يعيد في جماعة ويترتب عليه سهو الإمام، وأن يسلم على الإمام أو على من على يساره، وأن يصح استخلافه، هذا هو من أدرك الحكم.

أمَّا من لم يدرك حكمها: فيعيد في جماعة، ولا يسلم على الإمام ولا على من على يساره، ويصح الإقتداء به

(41).

فالذي يفهم من هذا أن المراد بإدراك الحكم أن يكون مأموماً في جميع الصلاة يترتب عليه أحكام المأموم.

وقد اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - فيما يدرك به حكم الجماعة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن حكمها كفضلها لايدرك إلاَّ بركعة كاملة يدركها مع الإمام، وهو قول فقهاء المالكية (42).

واستدلوا: بحديث: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " (43).

ووجه الاستدلال: أن الحديث عام في إدراك فضلها وحكمها (44).

القول الثاني: إن كانت الصلاة رباعية لم يدرك حكمها بركعة، وكذا الثلاثية لا يدرك حكمها بركعة وهذا قول الحنفية.

وحجتهم في ذلك: أنه لو حلف لا يصلي الظهر مع الإمام ولم يدرك الثلاث لا يحنث؛ لأن شرط حنثه أن يصلي الظهر مع الإمام وقد انفرد عنه بثلاث ركعات، وإن أدرك معه ثلاث وفاته ركعة فعلى ظاهر الجواب لا يحنث؛ لأنه لا يحنث ببعض المحلوف عليه (45).

ومدرك الثنتين من الثلاثي حكمه حكم مدرك الثلاث من الرباعي، أمَّا مدرك ركعة من الثنائي فالظاهر أنه لا خلاف فيه كما في مدرك الثنتين من الرباعي.

وقال السرخسي (46): ((للأكثر حكم الكل وضعفه في البحر بما اتفقوا عليه في الأيمان من أنه لو حلف لا يأكل هذا الرغيف لا يحنث إلاَّ بأكله كله فإن الأكثر لا يقام مقام الكل)) (47).

القول الثالث: أن حكم الجماعة لا يدرك إلاَّ بإدراك جميع الصلاة، وهو المفهوم من قول الحنابلة يقول صاحب المحرر مفسراً معنى إدراك فضل الجماعة بركعة يقول: ((معناه أصل فضل الجماعة، لا حصولها فيما سبق به فإنه منفرد حساً وحكماً إجماعاً)) (48).

والراجح في نظري هو ما ذهب إليه فقهاء المالكية من أن حكم الجماعة كفضلها لا يدرك إلاَّ بركعة كاملة، وذلك لصحة ما استدلوا به من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة "، وهذا عام في الفضل والحكم، والله أعلم.

المبحث الثاني:

من فاته جزء من الصلاة هل يدخل مع الإمام ..

أو ينتظر جماعة أخرى؟

اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - فيمن سبق ببعض الصلاة هل الأفضل أن يدخل مع الإمام أو ينتظر جماعة أخرى يصلي معهم جميع الصلاة؟ ولهم في ذلك أربعة أقوال:

القول الأول: يجب الدخول مع الجماعة الأولى ومتابعة الإمام حتى ولولم يدرك ما تدرك به الجماعة بأن أدركه في السجود الأخير أو التشهد، وهذا رأي المالكية (49)، واستثنوا من كان معيداً لفضل الجماعة فلا يؤمر بالدخول.

وقال الأجهوري (50): «من لم يدرك ركعة خير بين أن يبني على إحرامه فذاً أو يقطع ويدرك جماعة أخرى إن رجاها فإن لم يرجها فإنه يبني على إحرامه فذاً اتفاقاً» (51).

القول الثاني: أن من أمكنه إدراك بعض جماعة ورجا إقامة جماعة أخرى فانتظار الثانية أفضل ليحصل له كمال فضيلة الجماعة تامة، وهذا قول الشافعية.

قال في نهاية المحتاج: ((والأوجه أن محله عند أمن فوت فضيلة أول الوقت، أو وقت الاختيار ولو في حالة التيقن وإلاَّ فعلها معهم)).

قال الشيخ الشبراملسي (52): ((وظاهر قوله: ولو أمكنه إدراك بعض جماعة ... إلخ. ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين إدراك إمام الأولى بعد ركوع الركعة الثانية وبين إدراكه قبله كأن أدركه في الركعة الثانية أو الثالثة ولا فرق بين كون الجماعة الأولى أكثر أولا)).

وقال: ((وعبارة شيخنا الزيادي: ويسن لجمع حضروا والإمام قد فرغ من الركوع الأخير أن يصبروا إلى أن يسلم الإمام ثم يحرموا ما لم يضق الوقت وإن خرج بالتأخير وقت الاختيار على الأوجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير