ولا تصح الوصية لحمل غير موجود حينها، كما لو قال: أوصيت لمن تحمل به هذه المرأة؛ لأنها وصية لمعدوم.
وإذا أوصى بمبلغ كبير من المال يُحَجُّ به عنه فإنه يصرف منه حجة بعد أخرى حتى ينفد، وإن كان المبلغ قليلا؛ حُجَّ به من حيث بلغ، وإن نص على أن المبلغ الكثير كله يصرف في حجة واحدة؛ صرف في حجة واحدة؛ لأنه قصد بذلك نفع من يحج، ولا يصح حج الوصي أو الوارث عنه في تلك الصور؛ لأن الموصي قصد غيرهما في الظاهر.
ولا تصح الوصية لمن لا يصح تمليكه؛ كالجني، والبهيمة، والميت.
ولا تصح الوصية على جهة معصية: كالوصية للكنائس ومعابد الكفرة والمشركين، وكالوصية لعمارة الأضرحة وإسراجها أو لسدنتها، سواء كان الموصي مسلما أو كافرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " لو حبس الذمي من مال نفسه شيئا على معابدهم؛ لم يجز للمسلمين الحكم بصحته؛ لأنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله، ومما أنزل الله أن لا يتعاونوا على شيء من الكفر والفسوق والعصيان؛ فكيف يعاونون بالحبس على المواضع التي يكفر فيها؟! " (8).
ولا تصح الوصية على طباعة الكتب المنسوخة، كالتوارة والإنجيل، أو طباعة الكتب المنحرفة؛ ككتب الزندقة والإلحاد.
ومن أحكام الوصية أنه يشترط أن يكون الموصى به مالا أو منفعة مباحة، ولو كان مما يعجز في تسليمه؛ كالطير في الهواء، والحمل الذي في البطن، واللبن الذي في الضرع، أو كان معدوما؛ كما لو أوصى بما يحمل حيوانه أو شجرته أبدا أو مدة معينة كسنة، فإن حصل شيء من المعدوم؛ فهو للموصى له، وإن لم يحصل شيء؛ بطلت الوصية؛ لأنها لم تصادف محلا.
وتصح الوصية بالمجهول؛ كما لو أوصى بعبد أو شاة، ويعطى الموصى له حينئذ ما يقع عليه الاسم حقيقة أو عرفا.
ومن أحكام الوصايا أنه: لو أوصى بثلث ماله، فاستحدث مالا بعد الوصية؛ دخل في الوصية؛ لأن الثلث إنما يعتبر عند الموت في المال الموجود حينه.
ومن أحكام الوصايا أنه: لو أوصى لشخص بشيء معين من ماله، فتلف ذلك المعين قبل موت الموصي أو بعده؛ بطلت الوصية؛ لزوال حق الموصى له بتلف ما أوصي له به.
ومن أحكام الوصايا أنه إذا لم يحدد مقدار الموصى به، كما لو أوصى بسهم من ماله فإنه يفسر بالسدس؛ لأن السهم في كلام العرب هو السدس، وبه قال علي (**********: InfoPopup(8,'alam')) وابن مسعود (**********: InfoPopup(10,'alam'))؛ ولأن السدس أقل سهم مفروض، فتنصرف الوصية إليه، وإن أوصى بشيء من ماله، ولم يبين مقداره؛ فإن الوارث يعطي الموصى له ما شاء مما يُتَمَوَّل؛ لأن الشيء لا حد له في اللغة ولا في الشرع، فيصدق على أقل شيء يتمول، وما لا يتمول لا يحصل به المقصود، والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
1 - انظر: حاشية الروض المربع:6/ 45.
2 - انظر: حاشية الروض المربع:6/ 42.
3 - أخرجه عبدالرزاق من طريق عمرو بن شرحبيل (16471) 9/ 68 الوصايا.
4 - انظر: حاشية الروض المربع:6/ 47.
5 - أخرجه البخاري (886) 2/ 480.
6 - متفق عليه من حديث أسماء: البخاري (2620) 5/ 286 الهبة 29، ومسلم (2321) 4/ 90 الزكاة 14.
7 - أخرجه الدارمي (3180) 2/ 885 الوصايا 42، والبيهقي (12650) 6/ 459، وعبد الرزاق (19344) 10/ 353الوصايا، وابن أبي شيبة (30754) 6/ 213 الوصايا 12.
8 - انظر: حاشية الروض المربع:6/ 63.