تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وصايا للحجاج]

ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[30 - 11 - 07, 05:34 ص]ـ

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فإلى حجاج بيت الله الحرام أقدم هذه الوصايا عملاً بقول الله سبحانه: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) قيل: لمن يا رسول الله، قال: ((لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).

الأولى: الوصية بتقوى الله تعالى في جميع الأحوال، والتقوى هي جماع الخير وهي وصية الله سبحانه ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة}، وقال سبحانه: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي في خطبه كثيراً بتقوى الله. وحقيقة التقوى أداء ما افترض الله على العبد وترك ما حرم الله عليه عن إخلاص لله ومحبة له ورغبة في ثوابه وحذر من عقابه على الوجه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو أحد علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم: (تقوى الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر). وقال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله-: (ليست تقوى الله بصيام النهار ولا قيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله أداء ما افترض الله وترك ما حرم الله، فمن رزق بعد ذلك خيراً فهو خير على خير). وقال طلق بن حبيب التابعي الجليل رحمه الله: (تقوى الله سبحانه هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله). وهذا كلام جيد، ومعناه أن الواجب على المسلم أن يتفقه في دين الله، وأن يتعلم ما لا يسعه جهله، حتى يعمل بطاعة الله على بصيرة، ويدع محارم الله على بصيرة، وهذا هو تحقيق العمل بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن الشهادة الأولى تقتضي الإيمان بالله وحده، وتخصيصه بالعبادة دون كل ما سواه، وإخلاص جميع الأعمال لوجهه الكريم، رجاء رحمته وخشية عقابه، والشهادة الثانية تقتضي الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله إلى جميع الجن والإنس، وتصديق أخباره واتباع شريعته والحذر مما خالفها. وهاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة، كما قال الله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}، وقال سبحانه: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، وقال عز وجل: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

الثانية: أوصي جميع الحجاج والزوار وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها والعناية بها وتعظيم شأنها والطمأنينة فيها؛ لأنها الركن الأعظم بعد الشهادتين، ولأنها عمود الإسلام، ولأنها أول شيء يحاسب عنه المسلم من عمله يوم القيامة، ولأن من تركها فقد كفر؛ قال الله سبحانه وتعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون}، وقال عز وجل: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}، وقال جل شأنه: "قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون" إلى أن قال سبحانه: {والذين هم على صلواتهم يحافظون. أولئك هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)). قال بعض أهل العلم في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير