تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتعالى. فتقف بمزدلفة وأنت تحس بجلال ذلك الموقف، الذي أثنى الله عز وجل عليه في كتابه، هذا الموقف الذي قل أن يدعو الإنسان فيه بإخلاص وترد دعوته، وكان بعض السلف يقول: (ما سألت الله حاجة وحال الحول إلا قضاها الله لي). هذا الموقف -الذي هو موقف المشعر الحرام- أثر عن بعض السلف أنه قال: (لقد وقفت في هذا الموقف في كل عام وأنا أسأل الله ألا يجعله آخر العهد فيستجيب الله دعوتي، وإني لأستحي أن أسأله هذا العام فرجع ومات رحمه الله).

هذا الموقف -وهو موقف المشعر الذي غاب عن كثير من الناس- أدب الله المؤمنين فيه فذكرهم أن تكون دعوتهم للآخرة، وأن تكون جامعة بين خيري الدنيا والآخرة، فالناس فيه بين سائل للدنيا وبين سائل خيري الدنيا والآخرة، من الناس: مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:200] هذه الكلمة يقول العلماء: معناها أنه يقول: اللهم أصلح لي تجارتي، اللهم أصلح لي أموالي، اللهم اشف لي ولدي، اللهم عافني من كذا وكذا ... وينسى الآخرة، هذا هو الذي عناه الله بقوله: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:200]. فاجمع بين ثلاث مسائل: المسألة الأولى: أن تسأل الله أن يصلح دينك الذي هو عصمة أمرك. والثانية: أن يصلح دنياك التي فيها معاشك. والثالثة: أن يصلح لك آخرتك التي إليها معادك. أما إذا سألته صلاح دينك الذي هو عصمة أمرك؛ فأنت بين أمرين: تسأله العفو عما كان من الذنوب والعصيان، والإحسان فيما بقي من عمرك، فقل: اللهم إني أسألك حياة ترضيك، اللهم اغفر لي ما سلف وما كان، وارحمني ووفقني فيما بقي لي من زمان، واجعل ما بقي لي من الحياة عوناً لي على طاعتك، فكم من إنسان حيي إلى فتنة!، وفي الحديث الصحيح: (أنه لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل على قبر أخيه ويقول: يا ليتني مكانك) يتمنى أن يكون مكانه من كثرة الفتن والمحن!، نسأل الله العظيم رب ا

إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً

إذا أراد الله أن يكون حجك مبروراً وسعيك مشكوراً رزقك المال الحلال والكسب الطيب، حتى إذا قلت: يا رب! أجاب دعوتك (قال سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. قال: أطب مطعمك تستجب دعوتك) كم من لقمة من حرام حجبت صاحبها عن الله! كم من لقمة من حرام حجبت إجابة الله! فإذا أراد الله أن يجعل حجك مبروراً وسعيك مشكوراً قيض لك الكسب الحلال: (والله طيب لا يقبل إلا طيباً). إذا حججت بمال لست تملكه فما حججت ولكن حجت العير لا يقبل الله إلا كل صالحة ما كل من حج بيت الله مبرور يقول عليه الصلاة والسلام: (كم من أشعث أغبر ذي طمرين، يطيل السفر، يرفع يديه إلى السماء يقول: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب لذلك؟!).

الرفقة الصالحة في الحج

إذا أراد الله أن يجعل حجك مبروراً وسعيك مشكوراً قيض لك رفقة صالحين، إذا نسيت الله ذكروك، وإذا ذكرته أعانوك، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أمضاء عبادة وأطماح سهر. الحج المبرور يستعان عليه بالرفقة الصالحة والإخوان الصالحين؛ فكم غير الله أقواماً برفقةٍ صالحين! كم أصلح الله من أحوالهم!، وكم أصلح الله من شئونهم عندما كانوا مع الصالحين: (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم). إن رفقة الصالحين معونة على الخيرات، والرفقة الصالحون إما أن يكونوا أكثر منك فتتمنى خيرهم؛ فيبلغك الله أجرهم، قال أحدهم: (يا رسول الله! الرجل يحب القوم ولما يعمل بعملهم؟ قال: أنت مع من أحببت) فمن أحب الصالحين أحب الخير وهدي إليه، فإن لم يستطع فعله بلغه الله أجره بالأمنية والنية. ومن خيار من تصحبه لحجك وبيت ربك عالم فاضل، تهتدي بهديه، وتقتدي بسمته ودله، عالم يأخذ بحجزك عن النار، ويقيمك على سبيل الأبرار، إذا نظرت إليه ذكرت الله، وإذا سمعته أعانك على طاعة الله. صحبة العلماء وطلاب العلم الأتقياء الصلحاء معونة على الحج المبرور، معونة على كل خير وبر ورحمة، قال صلى الله عليه وسلم: (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم). وإذا صحبت العلماء فاحفظ حقوقهم وحرمتهم، وكن كأحسن ما يكون الصاحب لصاحبه، الله الله! أن يكون منك شين الخلال أو سيئ الخصال، فيشهد على ذلك خيار عباد الله عليك، كن كأحسن ما يكون عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير