تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هداية السالك إلى بعض أسرار المناسك]

ـ[أبو جمعة]ــــــــ[02 - 12 - 07, 08:09 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[هداية السالك إلى بعض أسرار المناسك]

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد:

فيا أخي الحاج: إن أسرار الحج لا تعد ولا تحصى، ووقوفك عليها يرغبك في أداء المناسك على الوجه الأكمل، ويعينك على تحمل المشاق بكل صبر ورضًى، ويحقق فيك ثمار الحج بعدما جعلتَ من نفسك أرضًا طيبة لبذرته، وبذلك يكون حجك مبرورًا، وسعيك مشكورًا بإذن الله تعالى.

والآن إليك _ أخي الحاج _ بعضًا من تلك الأسرار:

أولاً _ خروجك من بيتك للحج يذكرك بالخروج الأكبر والسفر الأقصى من الدنيا إلى الآخرة، وأما تنقلك في أداء المناسك من موطن إلى آخر فينبهك إلى تقلبك بين عقبات أرض المحشر، وقناطر المحاسبة.

ثانيًا _ الإحرام: وهذه بعض حِكَمه وأسراره:

أ _ الإحرام يعني نيتك الدخول في مناسك الحج أو العمرة، أو بهما معًا، وهذه النية ينبغي أن تحملك على حصر ذهنك، وحضور قلبك، واستجماع نفسك حتى تؤدي حجك بخشوع لا يعتريه شرود، وإخلاصٍ لا يزاوله شك، وهذا أشبه ما يكون بحال المصلي الخاشع في صلاته.

ب _ الإحرام يزهدك في الدنيا، ويرغبك في الآخرة؛ فاغتسالك للإحرام يذكرك بغُسل الموت، والتفافك بثوبي الإحرام يذكرك بالكفن.

ج _ الإحرام بمنعه إياك من بعض المباحات _ كالتطيب، وقص الشعر أو حلقه، وإتيان الزوجة _ يدربك على التعايش مع الظروف الصعبة بلا قلق ولا ضجر؛ كما يعينك على اجتناب المحرمات؛ لأن من صبر على ترك المباح كان على ترك الحرام أصبر.

د _ الإحرام يقوي فيك المكابح ضد نزوات النفس، وسقطات اللسان، وأذى الجوارح؛ فالمُحرِم منهي عن الرفَث _ حتى مع الزوجة _ وعن الجدال بالباطل، وعن الفسوق أيضًا؛ إذ عليه أن يضبط انفعالاته؛ لئلا يؤذي أحدًا من إخوانه، وإذا كان المحرم منهيًّا عن أذى نبات الحرم، وحيوان البر، فكيف يصلح له أن يؤذي أخاه المسلم؟! وفي ذلك كله يقول الله Y: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197).

هـ _ الإحرام يفرض على الأغنياء مدة إحرامهم لونًا من حياة الفقر والتقشف؛ حتى لا ينسوا من فضلهم أولئك الذين لا يتجاوز لباسهم في أحسن الأحوال لباس المُحرِمين، ولا يعرف التطيب أو التنعم إلى أجسادهم سبيلاً.

ثالثًا _ الطواف: ومن أسراره:

أ _ الطواف _ أخي الحاج _ رمز للرجوع إلى الله Y في الدنيا قبل الآخرة؛ فالطائف بطوافه حول البيت سبعة أشواط يشعر وكأنه يشارك الملائكة الأبرار طوافهم حول البيت المعمور، فتزكو بذلك نفسه، ويطمئن قلبه، ويوقن بأن الرب سبحانه سيرضى عنه كما رضي عن ملائكته، وسيعود _ بإذن الله تعالى _ بذنب مغفور، وسعي مشكور، كيف لا، والرب _ بكرمه وغناه _ حاشاه أن يرد سائلاً يطوف ببيته مرات متتاليات!.

ب _ الطواف بالكعبة فيه نصرة لمبدأ التوحيد الذي أرسى قواعده نبي الله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم.

رابعًا _ تقبيل الحجر الأسود، أو استلامه، أو الإشارة إليه: ومن أسراره:

أ _ أنه بمثابة مبايعة الله Y على مواصلة الإيمان بالله ورسوله، والعمل بمقتضاه، والحجر الأسود يشهد لهذه البيعة، فهو حجة لكل من كان صادقًا في بيعته، وحجة دامغة على من لم يَصدق، أو يُخلص في بيعته؛ فقد صح عن النبي r أنه قال: " لَيَأْتِيَنَّ هَذَا الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ؛ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ يَسْتَلِمُهُ بِحَقٍّ " [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=74#_ftn1).

خامسًا _ الصلاة في مقام نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ومن أسرارها:

إحياء لذكراه الطيب، وإكرام لجنابه الطاهر، وهذا الإكرام برفع الذكر والثناء العطر سينال _ بإذن الله تعالى _ كلَّ من سينهض بدعوة التوحيد الخالص، ويُسهم في بناء صرحها.

سادسًا _ الشرب من ماء زمزم: ومن أسراره:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير