تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السيئة, فيكون ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها لأن في ذبحها إحياء لسنتها وامتثالً لطاعة الله فيها, وخروجاً من عهدة من قال بوجوبها, ولكونه يتمكن من الصدقة كل وقت ولا يتمكن من فعل الأضحية إلا في الوقت المحدود لها, أشبه العقيقة, فإن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها بالإجماع.

الأضحية عن الميت. . . أما الأضحية عن الميت فإنه بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والمسانيد لم نجد حديثاً صحيحاً, ولا دليلاً صريحاً من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يأمر فيه بالأضحية عن الميت, أو يشي إلى وصول ثوابها إليه, ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ضحى لميته, أو أنه أوصى أن يضحي عنه بعد موته, ولا يقف وقفاً في أضحية, فليس لها ذكر عندهم, لا في أوقافهم ولا وصاياهم ولا تبرعاتهم لموتهم, فلو كانت الأضحية عن الميت من السنة, أو أنه يصل إلى الميت ثوابها لسبقونا إليها, فعدم فعلها يعد من الأمر المجمع عليه زمن الصحابة, واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع حجة, كما أن ظاهر من مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة أنه لا أضحية للميت لعدم مشروعيتها, فهي شاة لحم, لكون الأضحية الشرعية إنما شرعت في حق الحي تشريفاً لعيد الإسلام وإظهار للفرح والسرور والشكر على بلوغه,

والنبي صلى الله عليه وسلم قد أرشد الأولاد بأن يتصدقوا عن والديهم الميتين, ولم يأمرهم بأن يضحوا عنهم, من ذلك ما روى البخاري ومسلم أن سعد بن عبادة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله, إن أمي افتلتت نفسها ولم توص, وأظنها لو تكلمت تصدقت, أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم, تصدق عن أمك. ولم يقل ضح عن أمك.

وروى مسلم في صحيحه أن رجلاً قال: يا رسول الله, إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص, فهل يكفر عنه أن أتصدق عن؟ قال: نعم, تصدق عن أبيك.

ومثله ما روى أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه أن رجلاً من بني ساعده جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ,فقال: يا رسول الله, إن أبوي قد ماتا, فهل بقي من برهما شيء أبرهما به بعد موتهما, قال: نعم, الصلاة عليهما, والاستغفار لهما, وإنفاذ عهدهما من بعدهما, وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما, وإكرام صديقهما من بعدهما, فهذه وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلة والصدقة وبالدعاء التي يصل إليهما نفعهما, ولو كانت الأضحية عنهما بعد موتهما أنها من البر, أو أنه يصل إليهما لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى فعلها, ويدل على ذلك ما روى مسلم حديث أبي هريرة ?أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, وعلم ينتفع به, أو ولدٍ صالحٍ يدعوا له. . ولم يذكر الأضحية ولا وصول ثوابها إليه.

وحيث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحداً أن يضحي عن ميته, ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه ضحى عن ميته, ولا أوصى أن يضحى عنه بعد موته, علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة عن الميت, ولا مرغب فيها, ولو كان خيراً لسبقونا إليه, لأن الصدقة بثمن الأضحية عن الميت أفضل من ذبح الأضحية عنه, لكون الصدقة في خاصة عشر ذي الحجة تصادف من الفقير موضع حاجة, وشدة فاقة لما يتطلبه العيد من الحاجة والنفقة والكسوة له ولعياله, فتقع هذه الصدقة من الفقير بالموقع الذي يحب الله من تفريج كربته, وقضاء حاجته, وإدخال السرور عليه وعلى أهل بيته, والقرآن الكريم مملوء بذكر الحث على الصدقة, وأنها لا تنقص المال بل تزيده, وهي من العمل الصالح الذي يحبه الله في خاصة هذه الأيام العشر يقول الله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ فللوالدين والأكرمين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم} [البقرة 215].

وقد مدح الله من آتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب, وأقام الصلاة, وآتى الزكاة.

أفضل الصدقة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير