ولا أفضل من كون الإنسان يرى صدقته ماضية في حالة صحته وحياته كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح, تأمل الغنى وتخشى الفقر, ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا, أو لفلان كذا, وقد كان لفلان)) ,وأكثر الناس إنما يتصدق عند الموت, ثم يأكل الوصي صدقته ولا ينفذها, فما نفع الناس مثل اكتسابه لحسناته لنفسه دون أن يتَّكل على غيره.
فالإنسان المقتدر من رجل وامرأة لا ينبغي أن يبخل عن نفسه بأضحية أو أضحيتين, يذبحها في يوم عيد الأضحى, قربانا يقربها يرجو ثوابها عند الله, لأن له لكل شعرة حسنة, وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين, أما الفقير فلا ينبغي له أن يحزن, فقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل من لم يضح من أمته, فلا تحزن أيها الفقير فقد ضحى عنك البشير النذير.
وفي هذه الأيام يكثر سؤال الناس عن أخذ الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي, وقد قال بعض الفقهاء بأنه يجب كف اليد عن أخذ الشعر أو قلم الظفر في عشر ذي الحجة, مستدلاً بما روى مسلم عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ,قال: (من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره).
وقد أنكرت عائشة على أم سلمة رضي الله عنهما هذا الحديث, وقالت: إنما قال هذا في حق من أحرم بالحج خاصة (قاله في المغني) ,وهذا هو الأمر المعقول, فقد أباحوا لمن أراد أن يضحي الجماع والطيب, فما بالك بأخذ الشعر وقلم الظفر, وعائشة هي أعلم بالسنة من أم سلمة, وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يضحي كل سنة وعن أهل بيته ولم يجتنب شيئاً كان مباحاً له.
وعلى هذا. . إذا قص الإنسان شيئاً من شعره, أو قلم أظافره, أو نقضت المرأة رأسها فتساقط منه شعر, أو قصت شيئاً من شعرها, أو أظافرها فإن هذا لا يمنع من فعل الأضحية, بل تضحي وأضحيتها صحيحة, كما أنه يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء والكحل والطيب في عشر ذي الحجة, ولا بأس بذلك, ما شاع على ألسنة الناس من قولهم: إن من أراد أن يضحي فليمتنع عن سائر محذورات الإحرام, فهذا الكلام لا أصل له, بل يباح كل شيء لمن أراد أن يضحي أو يضحى عنه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع في عشر ذي الحجة عن شيء كان مباحاً له, وقد داوم على ذبح الأضحية عشر سنين في بالمدينة المنورة. . والله أعلم.
نسأل الله سبحانه تعالى أن يعمنا وإياكم بعفوه, وأن يسبغ علينا وعليكم واسع فضله, وأن يدخلنا برحمته في الصالحين من عباده وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
مجلة الأمة ذو الحجة1403هـ.
الرابط: http://islameiat.com/main/?c=156&a=2083
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 12:16 م]ـ
عشره ذي الحجة - فضائلها - والأعمال المستحبة فيها
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،، وبعد:
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم.
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه.
بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حريّ بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1 - التوبة الصادقة:
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
2 - العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام:
¥