* ثم يعود الحاجُّ إلى منى للبيات فيها أيام التشريق، فيقضي فيها يوم الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر والثالث عشر، يرمي في كل يوم بعد زوال الشمس الجمرات الثلاث كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، و لا يقدِّمُ الرمي أيام التشريق فيرمي قبل الزوال فمن فعل فعليه الإعادة، وإلا فقد أثم وعليه الدم عند أكثر الأئمة ولا يجزئه رميُه، ويبتدئ برمي الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإذا رمى الجمرة الصغرى أخذ عن يمينه وجعل الجمرة الصغرى عن يساره وتقدم عنها واستقبل القبلة ودعا طويلا ويرفع يديه، ثم يتوجه إلى الجمرة الوسطى فيرميها بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة، ثم يأخذ عن شماله ويجعل الوسطى عن يمينه ويتقدم عنها ويستقبل القبلة ويدعو طويلا ويرفع يديه، ثم يرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه أثناء الرمي، ولا يقف بعدها للدعاء، ويفعل هكذا في رمي الجمار في كل يوم من أيام التشريق، وللمحرم أن يتعجل فلا يمكث اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ولا يرمي في هذا اليوم بعد الزوال، بل بمجرد رميه في اليوم الثاني عشر خرج من منى فإن مكث إلى الغروب لزمه البقاء إلى اليوم الثالث عشر، وإن نوى الخروج وشرع به وتجهز له ولكن بسبب الزحام ونحوه من الأعذار تأخر خروجه إلى ما بعد الغروب فلا بأس أن يخرج وأن يتعجل، ومن تعجل في يومين فلا يجمع رمي الثالث عشر مع رمي الثاني عشر بل هذا من التنطع.
* وللمعذور في البيتوتة كطبيب يُحتاج إليه في بعض الليالي، أو مريض احتاج إلى المستشفى أو كرجال المرور والشرطة وغيرهم ممن يقوم على مصالح الحجيج أن لا يبيتوا في منى، و كذا لهم ولغيرهم ممن شق عليه رمي كل يوم أن يجمعوا رمي الجمرة في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فيرموا في الثاني عشر، وإن تأخَّر -أي المعذور بالرمي- فله جمع رمي أيام التشريق في اليوم الثالث عشر، فيرمي الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى مرتبة على الوصف الذي ذكرناه عن اليوم الحادي عشر، ثم يرجع فيرمي الثلاثة عن اليوم الثاني عشر، ثم يرجع فيرمي الثلاثة عن اليوم الثالث عشر، ويستمر الرمي كل يوم من أيام التشريق من زوال الشمس إلى طلوع الفجر من اليوم الذي يليه، ولا حرج على المسلم في ذلك لوجود المشقة والزحام الشديد، وليس في السنة ما يمنع من الرمي ليلاً، إلا اليوم الثالث عشر فينتهي الرمي فيه بغروب الشمس، إذ بغروب شمس اليوم الثالث عشر تنتهي أيام منى وينتهي وقت الرمي كله، وإن قَدِرَ فالأولى ألا يؤخر الرمي في جميع الأيام عن غروب الشمس موافقة لهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وخروجاً من الخلاف.
* ومن عجز عن الرمي، وعلم من نفسه عدم القدرة على الرمي مطلقا حتى لو جمع الرمي أو رمى ليلا فله أن يوكِّل من يرمي عنه ويبدأ النائب بالرمي عن نفسه الصغرى ثم عن المنيب ويرتب ذلك بالنية، ثم ينتقل إلى الوسطى هكذا ثم الكبرى.
* ويحافظ الحاج على الصلاة مع الجماعة في منى ويصلي كل صلاة في وقتها ويقصر الرباعية، ويؤذنون لكل صلاة ويقيمون لها، ويغتنمون هذه الأيام بذكر الله تعالى والتزود بالطاعة والتقوى، فهي الأيام المعدودات التي أمر الله تعالى بذكره فيها، قال سبحانه: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ".
* ثم يرجع الحاج إلى مكة وبخروجه من منى يكون قد فرغ من أعمال الحج، ويغتنم فرصة وجوده في مكة، فيكثر من الصلاة في المسجد الحرام ويحرص على الجماعات، حتى إذا كان موعد مغادرته إلى بلده طاف بالبيت طواف الوداع، وصلى ركعتين خلف المقام مستقبلا القبلة، وخرج من البيت دون أن يرجع القهقرى، والحائض والنفساء إن طافتا طواف الإفاضة قبل الحيض؛ فيرخص لهما أن يتركا طواف الوداع ويرجعا إلى بلادهما، لما روى الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:" ُأمِر الناس أن يكون آخرُ عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"
* فإذا عاد الحاج إلى بلده، فإنه يسأل الله دائما الهدى والرحمة والتوبة، عازما على أن يستقبل بقية عمره في طاعة الله تعالى، وكما قال أهل العلم: علامة قبول العمل الصالح، أن يتبعه الإنسان بأعمال صالحة أخرى؛ والحمد لله رب العالمين.
كتبها: أبو عبد الله عمر صبحي حسن قاسم
غفر الله له ولوالديه ولمن دعا لهما
في موسم الحج لعام 1422 هـ
وكان الفراغ من تعديلها في
24/ذي القعدة/1428ه، الموافق 4/ 12/2007م
الرسالة على الوورد بصورة أفضل
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[05 - 12 - 07, 11:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك.
ـ[أبوعبدالله عمر صبحي]ــــــــ[09 - 12 - 07, 02:14 م]ـ
وإياك أخي الكريم، وبارك الله فيك