تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الموضوع الثاني من موضوعات التصوير الذي ورد ذكره في القرآن: هو موضوع الصور والأصنام والتماثيل التي عبدت من دون الله، وقد جاء ذكرها في القرآن بالذم والسب والعيب، وضعف عقول صناعها وعابديها، وأنهم استعاضوا بعبادتها عن عبادة الواحد الأحد سبحانه وتعالى.

كقوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} (الأعراف:138)

وقوم إبراهيم الذين عكفوا على أصنامهم، وهذه الأصنام الأخرى التي رآها بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر ونجاتهم من الغرق والفراعنة، وكانت تماثيل مصورة على هيئات البشر أو الحيوان، وكانت تنحت حجارة أو خشباً أو معادن، أو غير ذلك وما زال بعض آثار ذلك باقياً للآن، وقد سمى الله تعالى كل ذلك رجساً من عمل الشيطان، فقال: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر، والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة:90) والأنصاب هي الأصنام لأنها كانت تنصب في معابدهم وبيوتهم، ومفترق طرقهم ولا يكاد يوجد شعب وأمة على الأرض منذ وقع الشرك وعبادة الأصنام في قوم نوح وإلى يومنا هذا إلا وقد عظموا الأصنام وعبدوها، فالرومان القدماء قبل المسيحية كانوا عباد أصنام، والصابئة عباد النجوم كذلك وقد تركوا آثارهم وأصنامهم في العراق والشام والروم بعد المسيحية حولوا دين المسيح الذي جاء بالتوحيد إلى الوثنية وعبادة الأصنام، واستعاضوا عن آلهة الإغريق القديمة بالمسيح والحواريين فنصبوا التماثيل للمسيح ولأمه، ولتلاميذه وعبدوا هذه الأصنام منذ ذلك الوقت قبل الإسلام، وإلى يومنا هذا وهم الآن أكثر أمم الأرض عدداً، وعبادتهم تقوم على عبادة الأصنام والتماثيل التي صنعوها لعيسى والقديسين. وهم بذلك كفار مشركون بل هم شر الأرض يوم القيامة كما جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت ما فيها من الصور المعلقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله] (متفق عليه)، ولا زالت النصرانية لليوم: عبادتها هي عبادة الصور والصلبان وتعليق ذلك علي الجدران، والصدور، ونصبها فوق الأبنية وفي الميادين والخلاصة أنهم اليوم وثنيون مشركون عباد أحجار وأخشاب بالرغم من تقدمهم في العلوم المادية، واتساع حضارتهم ومعارفهم إلا أنهم مع ذلك في العقائد جاهلون أغبياء فقراء.

وهذا هو حال أكثر أمم الأرض فالبوذية التي تنتشر في اليابان والصين، ودول جنوب شرق آسيا ديانة وثنية تقوم على عبادة الصور والتماثيل وكذلك الحال في ديانات الهند القديمة والحديثة، والديانات البدائية في أفريقيا وأمريكا واستراليا، كلها ديانات تقوم على عبادة الأصنام والأوثان.

3 - الملاحدة والشيوعيون وعبادة الأصنام:

ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل إن المذاهب الفكرية الإنسانية التي قامت على رفض الأديان التي تسميها بالغيبية واستحدثت أدياناً أخرى مادية إلحادية وأقامت لنفسها كذلك وثنيات خاصة، فتراهم استبدلوا بعبادة بوذا، ومارس، وأبولو، وهبل، ماركس ولينين، وقوادهم ومن يعظمونهم، فاستبدلوا وثنية بوثنية وعبادة أشخاص بآخرين ..

والشاهد أن العالم كله مع الرقي المادي والحضاري الذي يعيش فيه إلا أنه يعيش انتكاساً فكرياً وعقائدياً، ويستبدل بالوثنيات القديمة وثنيات حديثة، وكثير من الأمم ما زالوا يعبدون ما كان يعبده آباؤهم من قبل. بل إن أكثر دول آسيا ما زالوا يعبدون صور بوذا، والميكادو، وغير ذلك من الزعماء الدينيين المؤسسين السابقين الذين هلكوا في عصور متقدمة جداً، والغرض من هذا الاستطراد هو بيان أن حال الأمم الآن لا يختلف عن حال سابقيهم في الضلالة، وصدق الله القائل: {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل، وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} (هود:109)

والخلاصة أنه مع تتبع آي القرآن الكريم في شأن الصور والتماثيل نلاحظ أمرين هامين:

1 - الأمر الأول. أن الله سبحانه وتعالى هو المصور بمعنى أنه هو الخالق الذي أعطى لكل مخلوق صورته وشكله، وميزه عن كل فرد من أفراد نوعه بصورة ومميزات خاصة، وهذا من كمال قدرته وعلمه وعظمته سبحانه وتعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير