تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويظهر لنا جلياً الخلل البالغ الذي أورده المؤلف في هذا الجانب والذي يتعارض مع الواقع , وخلطه بين الحدود الفعلية لمشعر عرفات , وما هذا إلى دليلاً قاطعاً بقلة معرفة الباحث بهذا الموضوع , وعدم توفر المعلومات الصحيحة له , وأنه من المعروف للجميع أن وادي وصيق يحد مشعر عرفات من الجهة الشمالية عندما يلتقي بوادي عرنة من الجهة الغربية , وليس كما ذكر ببحث المؤلف أنه يحدها من الجهة الجنوبية , مع العلم أن الأعلام الموجودة في حدود عرفات من الجهة الشمالية أخرجت جزء بسيط من المشعر بسوء فهم في التنفيذ من قبل منفذ مشروع إنشاء هذه الأعلام.

ثانياً: ورد في الكتاب المشار إليه أعلاه بالفصل الثاني (حدودها طولاً وعرضاً) بالصفحة رقم (17) النص التالي: (وكذا مشعر مزدلفة فإنها كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى محدودة بحدود طبيعية من طبيعة المكان طولاً وعرضاً فهي تبدأ بعد وادي عرنة شرقاً فيكون وادي عرنة هو الفاصل بينها وبين عرفة وتمتد إلى وادي محسر غرباً .. ) , وكما ورد بالباب أولاً (الآثار عن الصحابة بالصفحة (21) وكذا بالصفحة (28 – 29 – 30 – 31) النص التالي: (في هذين الأثرين دلالة صريحة وواضحة أن المشعر الحرام يبدأ مباشرة بعد الخروج والإفاضة من عرفات ودخول منطقة الحرم بلا فاصل من مسافة اللهم إلا وادي عرنة فحسب .... ).

ويبدو أن مؤلف الكتاب حج وأتعبته المسافة بين عرفات ومزدلفة والتي تقدر حوالي خمسة كلم , وأراد أن يدخلها ضمن حدود مشعر مزدلفة ليحج مستقبلاً ويسهل لنفسه الوصول لمنطقة ليست شرعية بالمبيت فيها بمشعر مزدلفة فيوهم الناس فيسيروا على منهجه الذي لم يتفق مع غيره , ونوضح للجميع بأن حدود مشعر مزدلفة واضحة ولا يمكن الاجتهاد فيها بأي حال من الأحوال , فمزدلفة (المشعر الحرام) يقع بين منى وبين عرفات تفصلها مساحة تقدر بحوالي خمسة كيلوا متراً بها جبال وأراضي وأودية , ويحدها من الشرق (المأزمان) وهو الطريق بين جبلين فهذان الجبلان

بينهما مضيق يدلف إلى عرفات , ويسمى هذان الجبلان الأخشبين , ومن الغرب ((وادي محسر)) وهو الوادي الذي يفصل مزدلفة عن منى وسمي بذلك من التحسير أي الإيقاع في الحسرة لأن أبرهة أوقع لما جهدوا أن يتوجهوا إلى الكعبة على ما قيل , وأن وادي محسر يخرج من الشعبين والتي تسمى حالياً (الشعاب) عندما تلتقي بطريق رقم (8) حتى تصل دقم الوبر منطقة العوينة مدخل منى من جهة مزدلفة وبها أربعة أعلام قديمة وليست معدنية وبعضها أيل للسقوط , ومن الشمال جبل ((الأحدب)) ويسمى حالياً جبل المزدلفة وهو جبل كبير وعالي عسر الصعود ويشرف على المزدلفة من جهة الشمال الشرقي ويصب سيله في بطن مزدلفة من الجهة الشمالية حتى يخرج جنوباً , ويسمى جنوبه جبل ((المرار)) , ومن الجنوب جبل مكسر وبعض وادي ضب , ويقع مسجد المشعر الحرام بجانب قزح على طريق رقم (5) وبينه وبين مسجد نمره حوالي 6 كيلو متراً 0وقد سوئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: أين تبدأ حدود مزدلفة من جهة عرفة؟ , وصدرت الفتوى (ج 11/ ص213 - 214) رقم الفتوى في مصدرها (8184 – 4880) بتاريخ 7/ 9/1425هـ , والمتضمنة على النص التالي: (تبدأ مزدلفة غرباً من وادي محسر , وتنتهي شرقاً بأول المأزمين من جهتها , وقدر ما بينهما سبعة ألاف وسبعمائة وثمانون ذراعاً وأربع أسباع) , ويتضح للجميع بأن ما ذكره الدكتور / عبد العزيز الحميدي في هذا الجانب يخالف مضامين كل ما أورده عدد من العلماء وأصحاب العرف والرأي بحدود مشعر مزدلفة.

وحيث إن ما ورد في هذا الكتاب لا نقبله بجملته , ولا نرده بجملته ولكن نعمل على تنقيته , وأن منهج سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم أجمعين يبدو واضحاً في مسالكهم ولم يرد عنهم أو عن علماء المملكة العربية السعودية في عصرنا هذا ما يؤيد ما ذكره الباحث في بحثه في هذا الكتاب فيما يتعلق بما أشرنا إليه , لاعتمادهم على منهاج النبوة والنصوص الشرعية وعلى القواعد المأخوذة من النصوص من كلام آهل الوسطية والاعتدال , وأن كل أمر خرج عن منهاج السلف الصالح بغلو أو زيادات أو بشيء من المبالغة فإنه لا يكتب له الإستمرار , لأنها بنيت وفق الأهواء دون الرجوع من العلم إلى ركن وثيق فتعددت المشارب فصارت بدل أن تكون منهاجاً واحداً صارت مناهج شتى وطرائق مختلفة وكل يدعي صوابه.

وقد لاحظت في هذا البحث تكرار المؤلف ذكره قد ضيقنا ما وسع الله تعالى وبلا حجة ولا برهان وإصراره على إدخال مواقع كبيرة ضمن الحدود المعروفة لمشعر مزدلفة ونعتبرها إجهادات تخرج عن إطار التزام أهل السنة الجماعة وعن منهاج النبوة وسيرة السلف الصالح ابتغاء بذلك مركزاً ملحوظاً أو منافسة رخيصة ,

وهذا الكتاب كما هو واضح في طياته أنه الطبعة الثانية حيث أنه سبق صدور طبعة أولى تم نفاذها تتعلق بنفس الموضوع لم يتسنى الحصول عليها ومراجعتها ونخشى تكرار الأخطاء والمعلومات الغير مبنية على أسس شرعية ويضل من يطلع عليها , وفي الصحيح عن أبن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من قلوب الرجال ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبقى عالم اتخذ الناس رؤؤساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

وبناءاً عليه فإنني أقدم هذه الملاحظات والمرئيات لسماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية للنظر في هذا الأمر, ونسأل الله أن يكون فيها ما يجلوا الغامضات ويحل المعضلات , ونسأل الله العلي القدير أن يرشد قادتنا وعلماءنا وأن يوفقهم لما فيه خير وصلاح هذه الأمة , والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي مهد قواعده ووهد مصاعده , وسلك شرائعه ودلك مشارعه , صلاة لا يغنيها زمان , ولا يحويها مكان والله أعلم ....

بقلم الشيخ

محسن بن حسن القرشي

عضو اللجنة المكلفة بتحديد أعلام الحرم والمشاعر المقدسة

جوال / 0555508427

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير