[تحقيق أن الجزور في الأضحية والهدي يعدل عن سبعة وليس عن عشرة]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[15 - 12 - 07, 09:21 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
اختلف العلماء في مسالة كم تجزيء البدنة (الجزور) في الأضحية والهدي , وهذا الاختلاف تبعا لاختلاف الروايات في ذلك.
القول الأول: أن البدنة تجزيء عن عشرة
وذهب إلى ذلك سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ في إحدى الروايتين عنه وَبِهِ قَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَابْن خُزَيْمَة مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ فِي صَحِيحِهِ وَقَوَّاهُ وَاحْتَجَّ لَهُ اِبْن خُزَيْمَة بِحَدِيثِ رَافِع بْن خَدِيج كما سيأتي.
انظر الفتح (5
367)
القول الثاني أن البدنة تجزيء فقط عن سبعة
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَسَالِمٌ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ
المغني (21
454)
أدلة القول الأول:
1 - مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (1583)، وَالنَّسَائِيُّ (4409) وابن ماجة (3251)، وَأَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " (6
55)، وَابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " (9
318) والحاكم (4
256) من طريق حسين بن واقد عن عَلْباءَ بْنِ أَحْمَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ الْأَضْحَى، فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَقَرَةِ سَبْعَةً وَفِي الْجَزُورِ عَشَرَةً}.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وهذا إسناد صحيح إلا أن الحسين بن واقد ثقة ربما وهم.
فربما وهم في هذا الحديث وخصوصا أنه جاء في بعض الروايات عنه على الشك.
فقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (9
318) سواء إلا أنه قال: وفي البعير سبعة أو عشرة.
2 - أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " (4
256) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: {نَحَرْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، الْبَدَنَةُ عَنْ عَشَرَةٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِيَشْتَرِكْ الْبَقَرُ فِي الْهَدْيِ}.
وَقَالَ صَحِيحٌ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِم
قال شيخنا رحمه الله في الإرواء: (4
253) وهو شاذ كما أشار إليه الذهبي في تلخيصه.
قال الذهبي: وخالفه ابن جريج ومالك وزهير عن أبي الزبير فقالوا " البدنة عن سبعة " وجاء عن سفيان أيضا ذلك.
3 - روى أحمد في مسنده (41
131) وابن خزيمة في صحيحه (4
290) و البيهقي في المعرفة (15
188) والسنن الكبرى (5
235) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ، وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ سَبْعِينَ بَدَنَةً عَنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ، كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةٍ}.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ في المعرفة (15
188): فقد روي عن معمر بن راشد، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، بهذا الإسناد أنهما قالا: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة عام الحديبية في بضع عشرة مائة»، وعلى ذلك تدل رواية جابر بن عبد الله، ومعقل بن يسار، وسلمة بن الأكوع، والبراء بن عازب، وكلهم شهدوا الحديبية، ثم اختلفت الرواية عن جابر فروي عنه أنهم كانوا ألفا وخمسمائة، وروي عنه أنهم كانوا ألفا وأربعمائة، وهذا أصح لموافقته معقل بن يسار وسلمة والبراء ثم روى أبو الزبير، عن جابر، أنهم «نحروا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة»
وبمعناه روي عن سليمان بن قيس، وعمرو بن دينار، عن جابر، فكأنهم «نحروا السبعين عن بعضهم، ونحروا البقر عن الباقين عن كل سبعة واحدة»
¥