تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل من حاجة الآن إلى الأذان الأول يوم الجمعة ?]

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[18 - 12 - 07, 09:12 م]ـ

قال الشيخ بن أبي زيد القيرواني رحمه الله في رسالته

" وهل الأذان الثاني أحدثه بنوا أمية ".

المقصود هنا هو الأذان الأول في الفعل ,وقد أمر به عثمان رضي الله عنه , وهو من الخلفاء

الراشدين , وقد أمِرنا باتباع سنتهم في حديث العرباض بن سارية كما في سنن أبي داود , فكان

المناسب التعبير بذلك بدل كون بني أمية هم الذين أحدثوه , وقد حصل ذلك عندما كثر الناس

ليعلموا أن وقت الجمعة قد حضر , وأخذ الناس بما أمر به الخليفة الراشد , وتابعوه عليه لكونه

خليفة مطاع الأمر , وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال:" الأذان الأول يوم الجمعة بدعة

" , قال الحافظ في (الفتح 2/ 507):" فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الإنكار ,

ويحتمل أنه يريد أنه لم يكن حسناً , ومنها ما يكون بخلاف ذلك "

وحمل قول ابن عمر على الوجه الأول هو الظاهر , وإلاّ فإنّ الناس كانوا يعلمون أنه لم يكن في

زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد رأى بعض أهل العلم أن الحاجة إلى هذا الأذان لم تعد قائمة , فيتعين تركه , والمسألة محل

نظر , قد تختلف من موضع لآخر لما لها من مناط , لكن المسارعة إلى إطلاق البدعة على مثل

هذا الأمر الذي فشا في عهد الخلافة الراشدة قد يكون منّا جرأة غير محمودة , لا سيما مع عمل

الناس به في عموم بلدان المسلمين , ولهم متعلق كما علمت , فالذي يظهر أنه يُفعل متى احتيج

إليه , ومع ذلك فقد خرج الناس بهذا الأذان عن حدّه في بلادنا (الجزائر) سواء فيما يرجع

لوقته , أو في الغرض الذي وجد من أجله , فإنّه عندنا يتقدم الأذان الثّاني بوقت طويل , وفي

بعض أيام العام يكون قبل الزوال , والأئمة الثلاثة يرون أنّ الأذان للجمعة لا يكون إلاّ بعد

الزوال , والناس يفعلونه قبله , فهو مخالف لما كان عليه الأمر في عهد من أمر به رضي الله

عنه , فإنّه لم يكن بين الأذانين وقت طويل , ولا كان قبل الزوال , وبالنّظر إلى تقدمه على وقت

الزوال في كثير من أيام العام فلا يبعد أن يقال بأنّه بدعة , لأنه لا يؤذن لصلاة قبل وقتها غير

الصبح , وحتى على مذهب أحمد وهو يرى أن وقت الجمعة قبل الزوال , فليس فيه هذا الفارق

الطويل بين الأذانين , فتنبه.

واعلم أنّ هذا الأذان لا يثفعل اليوم للغرض الذي من أجله أمر به عثمان رضي الله عنه , وهو

إخبار النّاس بقرب الأذان الذي يكون بعد صعود الإمام على المنبر , بل لإخبارهم بالشّروع في

درس الجمعة الذي هو محدث آخر يواظب عليه , وهو ممّا تضار به الخطبة , فيدرك وقتها

النّاس وقد فتروا وملّوا , فلا يقبلون بقلوبهم على الخطيب في وقت قد يكون هو ساعة الإجابة

يوم الجمعة , وهي ساعة لا يسأل المؤمن ربّه فيها شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه , ويفوت المصلين بسبب

هذا الدرس كثير من فضائل الجمعة كالإكثار من النّافلة

والصّلاة يون الجمعة منتصف النهار مستثناة من المنع , ومن ذلك الإكثار من الصلاة على النبي

صلى الله عليه وسلم , وقد أمرنا بذلك , ومنها قراءة سورة الكهف , ومنها الدعاء , وأنت تعلم

بأنّ خطبة الجمعة يطلب تقصيرها , فكيف يضاف إليها هذا الدرس ? , وقد كانت خطبه صلى الله

عليه وسلم كلمات قلائل طيبات , فكيف إذا كان المدرّس ذا شهوة في الكلام ?, يطيل الدرس

ويطيل الخطبة معاً , ويقصر الصلاة خلاف المطلوب ? وكيف إذا كان الدرس إلى اللغو أقرب منه

للنافع من الحديث ? فصار كالشيئ المحتوم لا بد منه , يقوم به من حضر , على أنّ هذا الدرس

ولو كان نافعاً فيما يبدوا للناس , فإنّ الذي نعقله من ديننا أنّ المخالفة لا يترتب عليها نفعٌ , ولا

يبارك الله فيها , وقد ترتّب على المواظبة على هذا الدرس أن أصبح بعض الناس يرى وجوبه ,

ويلوم من تخلّف عنه , ويسميه بعضهم الخطبة الأولى , وقواعد المذهب (المالكي) فيها ترك

المستحب أحياناً إذا خشي أن يعتقد وجوبه , وكتعليلهم على ترك القبض في الصّلاة , وكما قالوا

في ترك الإمام تحية المسجد أحياناً وصوم الأيام الستة من شوال , وغيرها.

نقول هذا لو تُركنا إلى عقولنا , فكيف إذا جاء عن نبينا صلّى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك ,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير