تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم الترحم على النبي صلى الله عليه وسلم من غير الصلاة عليه؟]

ـ[إلياس العثماني المغربي]ــــــــ[28 - 12 - 07, 08:00 م]ـ

اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، وللطافتها أحببت أن أسوق إلى أحبابنا الكرام في هذا المنتدى المبارك ـ بإذن الله ـ محصّل ما قاله العلماء فيها، عسى الله أن يوفقنا لما فيه الخير.

فأقول: قال الإمام أبو الخطاب بن دحية في كتابه "التنوير في كلام السراج المنير" قالوا إذا ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام أحدُ من أمّته انبغى له أن يصلي عليه لقوله صلى الله عليه وسلم:"من صلى علي مرّة صلى الله عليه عشرا" أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، ولا يجوز أن يتراحم عليه لأنه لم يقل من تراحم علي ولا من دعا لي، وإن كانت الصلاة بمعنى الرحمة، فكأنه خُصّ بهذا اللفظ تعظيما له، قال تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما) الأحزاب 56، ولم يقل إن الله وملائكته يترحّمون على النبي، وإن كان المعنى واحد. اهـ

وقال الرافعي في الشرح الكبير: قال الصيدلاني ـ من الشافعيةـ: وهو غير فصيح فإنه لايقال رحمت عليه وإنما يقال رحمته وأما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع فلا يحسن إطلاقه على الله تعالى. اهـ

وقال القاضي عياض في: "إكمال المعلم" (ولم يجيء في هذه الأحاديث ـ يعني الأحاديث التي ذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ذكر الرحمة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد وقع في بعض الأحاديث الغريبة، قال: واختلف شيوخنا في جواز الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم فذهب بعضهم وهو اختيار أبي عمر بن عبد البر ألى أنه لا يقال، وأجازه غيره وهو مذهب محمد بن أبي زيد، وحجة الأكثرين تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه وليس فيها ذكر الرحمة) اهـ وقد نقل رحمه الله الجواز عن الجمهور.

وقال رحمه الله في "الشفا": "ذهب أبو عمر بن عبد البر وغيره إلى أنه لا يدعى له بالرحمة وإنما يدعى له بالصلاة والبركة التي تختص به، ويدعى لغيره بالرحمة والمغفرة، ثم نقل عن أبي بكر القشيري قوله: (الصلاة من الله تعالى لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وله تشريف وزيادة مكرمة).اهـ

وقال القرطبي رحمه الله في المفهم:"إنه الصحيح لورود الأحاديث به".

وقال الحافظ زين الدين العراقي: اختلف في جواز ذلك أو مشروعيته، فمنع أبو عمر بن عبد البر الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمغفرة، وذهب محمد بن أبي زيد من المالكية إلى استحباب الإتيان في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بالترحّم، وكذلك اختلف أصحاب الشافعي أيضا في ذلك فحكى الرافعي عن أبي بكر الصيدلاني: ومن الناس من يزيد وارحم محمدا وآل محمدا كما رحمت على آل إبراهيم وربما يقولون كما ترحّمت على آل إبراهيم، قال وهذا لم يرد في الخبر، ثم قال ـ أعني العراقي ـ وقوله لم يرد في الخبر ليس بجيد فقد ورد لكنه لم يصح، ويجوز أن يقال في الضعيف ورد، وهو ما رواه أحمد في المسند من رواية أبي داود الأعمى عن بريدة قال: قلنا يارسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد "وأبو داود الأعمى ابن نفيع ضعيف جدا.

ثم قال العراقي رحمه الله: وفي إنكار جواز الدعاء له بالرحمة نظر فقد ورد في التشهد " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله" ففي هذا الدعاء له بالرحمة، وقد ثبت في الصحيح في قصة بول الأعرابي "اللهو ارحمني ومحمدا " ومن أنكر الإتيان بهذا اللفظ في التشهد فليس مدركه في ذلك أن الدعاء له ممتنع، فقد قال ابن العربي عقبه: ويجوز أن يترحم عليه في كل وقت، وإنما مدركه أن هذا باب اتباع وتعبد فيقتصر فيه على المنصوص وتكون الزيادة فيه بدعة، لأنه إحداث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير