تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهكذا عمت البلوى بهذه القضية حتى كانت حافزا لكثير من علماء القراءة المعتبرين في محاولة لوقف زحف هذا الخروج المشين على قواعد الأداء والتصدي لمن حاولوا شيئا من الدفاع عنه وتسويغ الأخذ به بعلة أو بأخرى على نحو ما رأينا عند ابن يحيى الرسموكي وأبي العباس العباسي، وربما كان منهم صاحب كتاب "هز السيف على من أنكر الوقف"، وهو من تأليف "فقيه من قراء هشتوكة بسوس ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn3))، وذلك لما هو ملحوظ من اقتران هذه القراءة الحادثة بظهور الوقف المنسوب إلى الإمام الهبطي بسوس كما رأينا في الأمثلة التي ساقها ابن الرشيد في "عرف الند"، والرسموكي في اعتراضه على شيخه، والصوابي في رسالته إلى أبي العباس العباسي.

ومن الذين كتبوا في الموضوع من قراء فاس الشيخ أبو حفص عمر بن عبد الله بن عمر بن يوسف الفاسي (1125ـ1188) وقد تقدم ذكره في شيوخ محمد بن عبد السلام الفاسي شيخ الجماعة بفاس.

فقد ألف في ذلك "جزءا في حكم المد الطبيعي في القراءات" ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn4)).

كما ألف في الموضوع نفسه الشيخ ابن عبد السلام تلميذه المذكور "رسالة في المد الطبيعي" خصصها لمعالجة هذه القضية الشائكة، فذكر في أولها أن "أهل المغرب ـ باستثناء اللمطيين ـ لا يعطون حروف المد حقها بل يختلسونها اختلاسا، وبعضهم يكتفي فيها بالنية .. قال:

"وطريقة اللمطيين هي الطريقة المثلى في القراءات، وهي طريقة شيخه ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn5)) سيد المحققين أبي البركات أحمد الحبيب وشقيقه أبي عبد الله، قال: فما رأينا في أهل المغرب من وفى حروف المد حقوقها، وأعطاها من المخارج والصفات مستحقها غير هذه العصابة" ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn6)).

وممن ألف فيها بعد ابن عبد السلام (ت 1214) الشيخ محمد بن قاسم، العيدوني الخمسي من قراء الشمال المغربي، ألف نظما في "مراتب المد" ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn7))، والشيخ أبو محمد عبد السلام الشريف الزالي "له نظم في مراتب المد الطبيعي" ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn8)) إلى غير هؤلاء من القراء والعلماء الذين كان لهم موقف رافض من هذا التدني الذي آلت التلاوة المغربية في أثناء المائة الثانية عشرة فما بعدها مما لا تزال آثاره شاهدة في طريقة أهل عصرنا في التلاوة وقراءة الحزب الراتب في الغالب الأعم، مما زاد في تباعد الشقة بين هذه القراءة وبين ما رتبه أئمة الأداء من أحكام وقواعد، وخاصة في رواية ورش من طريق الأزرق التي تختص بخصائص متميزة في هذا الباب.

ومن خلال ما استعرضناه من هذه المباحث ندرك مقدار التدهور الذي أصاب الناحية الأدائية في هذه الرواية التي تكاد تنفرد في باب المد ـ إن لم نقل إنها منفردة فعلا ـ بجملة من الخصائص لا تشاركها فيها أو تكاد تشاركها رواية أخرى.

وإذا تأملنا مناط الحكم فيها نجده يتعلق بأصل المد، إذ أهل هذه القراءة المحدثة قد أسقطوا بعض حروف المد بالكلية، وأثبتوا في الوقت ذاته بعضها على ترتيب في ذلك نسقوه، واصطلاح تعارفوا وتمالأوا عليه، وذلك خروج تام عن الصفة المعتبرة في القراءة حدرا وتدويرا وتحقيقا، وخروج أتم عن رواية ورش من طريق الأزرق التي تمتاز عن غيرها بمزيد من التمكين، لا في أحرف المد فقط، بل حتى في الحركات كما قدمنا في حديثنا عن أخذه بطريقة "التحقيق".

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref1)- وقد تقدم أن أخاه أبا البركات أحمد الحبيب بن محمد اللمطي أخذ القراءات عن الشيخ أحمد البنا الدمياطي صاحب كتاب "اتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر"، ولعله أول من أدخلها إلى المغرب.

[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref2)- مناقب الحضيكي 2/ 146.

[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftnref3)- سوس العالمة لمحمد المختار السوسي 195.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير