تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد بوب البخاري أيضاً لهذه المسألة فقال: باب رفع الأيدي في الدعاء وأشار ضمن هذه الترجمة لهذين الحديثين وغيرهما. قال الحافظ في "الفتح" وفي الحديث الأول رد من قال لا يرفع كذا إلا في الاستسقاء , بل فيه وفي الذي بعده رد على من قال لا يرفع اليدين في الدعاء غير الاستسقاء أصلا , وتمسك بحديث أنس " لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء " وهو صحيح , لكن جمع بينه وبين أحاديث الباب وما في معناها بأن المنفي صفة خاصة لا أصل الرفع، وقد أشرت إلى ذلك في أبواب الاستسقاء , وحاصله أن الرفع في الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو الوجه مثلا وفي الدعاء إلى حذو المنكبين , ولا يعكر على ذلك أنه ثبت في كل منهما "حتى يرى بياض إبطيه" بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره , وإما أن الكفين في الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء , قال المنذري: وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح. قلت: ولا سيما مع كثرة الأحاديث الواردة في ذلك , فإن فيه أحاديث كثيرة أفردها المنذري في حزء سرد منها النووي في " الأذكار " وفي " شرح المهذب " جملة. وعقد لها البخاري أيضا في " الأدب المفرد " بابا ذكر فيه حديث أبي هريرة " قدم الطفيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا عصت فادع الله عليها , فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: اللهم اهد دوسا " وهو في الصحيحين دون قوله " ورفع يديه " وحديث جابر " أن الطفيل بن عمرو هاجر " فذكر قصة الرجل الذي هاجر معه وفيه " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر ورفع يديه " وسنده صحيح , وأخرجه مسلم. وحديث عائشة أنها " رأت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعا يديه يقول: اللهم إنما أنا بشر " الحديث وهو صحيح الإسناد. ومن الأحاديث الصحيحة في ذلك ما أخرجه المصنف في " جزء رفع اليدين "

: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان " ولمسلم من حديث عبد الرحمن بن سمرة في قصة الكسوف " فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يدعو " وعنده في حديث عائشة في الكسوف أيضا " ثم رفع يديه يدعو " وفي حديثها عنده في دعائه لأهل البقيع " فرفع يديه ثلات مرات " الحديث. ومن حديث أبي هريرة الطويل في فتح مكة " فرفع يديه وجعل يدعو " وفي الصحيحين من حديث أبي حميد في قصة ابن اللتبية " ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه يقول: اللهم هل بلغت " ومن حديث عبد الله بن عمرو " أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قول إبراهيم وعيسى فرفع يديه وقال: اللهم أمتي " وفي حديث عمر " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل , فأنزل الله عليه يوما , ثم سرى عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه ودعا " الحديث أخرجه الترمذي واللفظ له والنسائي والحاكم , وفي حديث أسامة " كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو , فمالت به ناقته فسقط خطامها , فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى " أخرجه النسائي بسند جيد , وفي حديث قيس بن سعد عند أبي داود " ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول: اللهم صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " الحديث وسنده جيد. والأحاديث في ذلك كثيرة: وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رُوَيبة أنه " رأى بشر بن مروان يرفع يديه , فأنكر ذلك وقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يزيد على هذا يشير بالسبابة " فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال: السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة , ورده بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة , وهو ظاهر في سياق الحديث فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها , وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه " إن ربكم حي كريم يستحي من

عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرا " أي خالية وسنده جيد.انتهى من الفتح بلفظه.

والحاصل بعد هذا كله أن الدعاء دبر الصلوات بعد الفراغ من الذكر المشروع مشروع ثابت، وأن رفع اليدين في الدعاء أيضاً مشروع ثابت، وعليه فمن دعا بعد كل صلاة ورفع يديه حال الدعاء لا ينكر عليه فعله، ولو داوم على ذلك، وما روي عن بعض أهل العلم من كراهة ذلك مرجوح بما تقدم من الأدلة وأقوال أهل العلم.

ومع ذلك فقد كره العلماء لمن يقتدي به العوام من إمام أو عالم أو نحوهما المداومة على بعض السنن التي قد يظن العوام أنها فرائض أو من تتممات الفرئض، ويدخل في ذلك مسألتنا هذه.

والله أعلم.

المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه

ـ[أبو عمر]ــــــــ[30 - 12 - 07, 05:12 م]ـ

ومن فتاوى الشيخ سلمان العودة في دروسه

رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة

السؤال

ما حكم رفع اليدين أثناء الدعاء بعد الصلوات المفروضة، وبعد السنن الراتبة؟

الجواب

لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الصلوات المفروضة ولا غيرها، بل الدعاء في أثناء الصلاة أفضل، والصلاة لها ثمانية مواطن للدعاء يمكن أن تراجع، أما أن يدعو بعد السلام فلا بأس أن يدعو بما ورد، بل يشرع: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله.

اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.

هذا كله ورد ويحتمل أن يكون قبل السلام أو بعد السلام، لكن إذا دعا به بعد السلام فلا بأس، ولا يشرع له أن يرفع يديه، وكذلك بعد النافلة لا يشرع أن يرفع الإنسان يديه، وإن رفعهما لا يشرع له أن يحافظ على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير