تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد استعرض ابن الجزري مذاهب الأئمة في ترتيب مراتب المد وتقديرها بالألفات فبلغ بها سبع مراتب آخرها مرتبة الإفراط وقد تقدم في أثناء هذا البحث في ترجمة أبي القاسم ابن جبارة الهذلي انه ذكرها في كامله لورش فيما رواه ابن الحداد وابن نفيس وابن سفيان وابن غلبون ـ قال ابن الجزري ـ: "وقد وهم عليهم في ذلك وانفرد بهذه المرتبة، وشذ عن إجماع أهل الأداء .. " ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn6)).

ثم ذكر أن هذا الاختلاف في تقدير المراتب بالألفات لا تحقيق وراءه، بل يرجع إلى أن يكون لفظيا، وذلك أن المرتبة الدنيا وهي القصر إذا زيد عليها أدنى زيادة صارت ثانية، ثم كذلك حتى تنتهي إلى القصوى، وهذه الزيادة بعينها إن قدرت بألف أو بنصف ألف هي واحدة، فالمقدر غير محقق، والمحقق إنما هو الزيادة، وهذا مما تحكمه المشافهة وتوضحه الحكاية ويبينه الاختبار ويكشفه الحس ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn7)). قال الحافظ أبو عمرو ـ رحمه الله ـ: "وهذا كله جار على طباعهم ومذاهبهم في تفكيك الحروف وتلخيص السواكن وتحقيق القراءة وحدرها، وليس لواحد منهم مذهب يسرف فيه على غيره إسرافا يخرج عن المتعارف في اللغة المتعالم في القراءة، بل ذلك قريب بعضه من بعض، والمشافهة توضح حقيقة ذلك، والحكاية تبين كيفيته" ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn8)).

هذا هو التحقيق إذن في أمر المد ومراتبه، وقد نحا المقدرون له بالحركات والألفات إلى نوع من التقريب فقط، إلا أن أحدا منهم لم يذهب ـ كما ذهب إليه الشيخ محمد بن ناصر الدرعي فيما تقدم ـ إلى اعتبار الحركات حركات أصابع القارئ.

ولا يخفى أن تقدير المد بالحركات أو بالألفات لا يعني تساوي القراء أو الرواة والطرق فيه، ذلك لأن زمن الحركة غير متفق بينها، وإنما يختلف بحسب الأنماط الثلاثة المعتبرة في الأداء، أي بحسب ما يأخذ به صاحب الرواية التي يقرأ بها، وذلك معنى قول أبي عمرو: "وذلك كله جار على طباعهم ومذاهبهم .. " أو قوله في "التيسير:

"وهذا كله على التقريب من غير إفراط، وإنما هو مقدار مذاهبهم في التحقيق والحدر" ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn9)).

ولهذا كان القراء السبعة في المد على خمسة مراتب على المشهور كما أجملها الإمام القيسي شيخ الجماعة بفاس في أبيات يهمنا منها قوله:

مراتب أهل المد في الذكر خمسة

فأطولهم في المد ورش وحمزة

مسطرة دع كل ما زاد زاعم

ومن بعد هذين الإمامين عاصم ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn10))

إلى أن قال:

وكان الإمام الشاطبي آخذا لهم بوجهين لم يمنعهما الدهر عالم

لحمزة مع عثمان ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn11)) كان مطولا لغيرهما التوسيط كان يلازم ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn12))

ولقد بين الإمام أبو الحسن بن سليمان شيخ الجماعة بفاس علة هذا التفاوت، وخاصة بالنسبة لورش فقال في "تهذيب المنافع" يذكر مد الصيغة: "هو بحسب قراءة القارئ من حيث الترتيل والهذ، فمد الصيغة لورش ليس كمد الصيغة لقالون، لأن ورشا يرتل قراءته فيشبع الحركات ويمطط، وقالون يهذ في قراءته ولا يشبع الحركات ولا يمطط الحروف مثله" ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn13)). وقال أيضا في كتابه "ترتيب الأداء" مشيرا إلى تفاوت القراء في مقدار المد انطلاقا من هذا التحليل:

"فتكون مدة الطبيعة من نسبة حركاته ـ يعني القارئ ـ إذ المدة ناشئة عن الحركة ومتولدة عنها، فبحسب إشباع الحركة تكون المدة، فمن أشبعها كثيرا كانت مدته طويلة، ومن أشبعها قليلا كانت مدته قصيرة، ومن وسطها كانت مدته وسطا" ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn14)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير