تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن السحرة من يحفظ الفاتحة، ويكتبها للمرضى، ومنهم من يحفظ قصار السور، وهكذا وهلمَّ جراً، فهل نحرم كل ذلك لأن السحرة دخلوا هذا المسلك، وفعلوا هذا الفعل (؟؟).

ضابط التشبه بالسحرة في هذا الأمر:

وضابط التشبه في نظري بالسحرة في هذا الأمر أن يجمع الكاتب على جلده، أو على جلد المريض بين المشروع، والممنوع؛ وذلك بأن يكتب مثلاً قرآناً وشيئاً آخر معه فيه شرك أو هو مظنة الشرك؛ فيجمع بين الحق والباطل، وما هو مشروع، وما ليس بمشروع، وكأن يكتب أيضاً بعض الاستغاثات الشركية، أو أسماء بعض الجن، أو بعض الكلمات الأعجمية التي لا يفقه معناها، ولا يحسن قراءة مبناها، مما يفعله السحرة، أما إذا كتب قرآناً خالصاً، أو دعاءً من أدعية الاستشفاء، يلتمس بذلك دفع البلاء، وعلاج الداء؛ فليس ذلك بشرك، وليس هو بحرام.

فلا يعد هذا الأمر تشبهاً؛ إذ ليست الكتابة على الجلد أمراً اختص به السحرة، دون سائر الناس، بل هو أمر مشترك لا يختص به السحرة دون غيرهم.

من كتب من السلف في الأواني وعلى الزجاج بالمداد المباح والزعفران:

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: ((كتاب لعسر الولادة

قال الخلال حدثني عبد الله بن أحمد قال رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، ((كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ)) (20).

((كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها)) (21).

قال الخلال أنبانا أبو بكر المروزي، أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله (!) تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين (؟) فقال: قل له: يجيء بجام واسع، وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد (22).

............................. ثم قال ابن القيم متمماً: وكل ما تقدم من الرقى، فإن كتابته نافعة.

ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك الشفاء (23) الذي جعل الله فيه.

كتاب آخر لذلك يكتب في إناء نظيف: ((إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت)) (24).

وتشرب منه الحامل، ويرش على بطنها)). انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير من كتاب: (الطب النبوي).

مسألة وجوابها:

لقائل أن يقول: لِمَ لا يُكْتَفَى بقراءة الرقية على الماء، أو على الزيت، ومن ثم الشرب منهما، والمسح بهما دون كتابتها، أليس ذلك بأيسر (؟).

فأقول: ألم يكن في وسع شيخ الإسلام ابن تيمية قراءة الأية ـ التي يكتبها على جبهة من به رعاف ـ على شربة ماء، أو قليل من الزيت ثم يدفعه لمن به رعاف؛ فيشربه، أو يدهن به، هل خفي وغاب عنه هذا (؟).

لكن ولآن للكتابة معنىً آخر ولوناً آخر من ألوان التداوي والاستشفاء بكتاب الله كتبها وهو داخل تحت مطلق الاستشفاء بالقرآن الكريم فقد ذكر الله أن القرآن شفاء.

وكذلك ألم يكن في وسع السلف قراءة القرآن على الماء ثم شربه لماذا يكتبونه على الكاغد (؟) وفي إناء نظيف (؟)، وعلى جام زجاج أبيض ثم يغسلونه بالماء (؟) ألم يكن أيسر لهم أن يقرؤوه على الماء (؟) لماذا يكتبونه ثم يلقون عليه الماء فيغسلونه ثم للمريض يسقونه (؟؟) لأن لهم فهماً أوسع من أفهام أهل العصر في مفهوم الاستشفاء والعلاج بالقرآن فما ضيقوا، أو حجروا واسعاً، بل لهم في كل ذلك سعة.

مسألة:

قد يعترض أحدهم فيقول ليس الخلاف بيننا في حكم الكتابة، بل في الفعل إذ لم يجرِ به عمل السلف (!).

ونجيبه بما يلي:

مَنْ كَتَبَ من السلف في كفيه وعلى نعليه (؟):

حدثنا وكيع عن أبيه عن عبد الله بن حنش قال: ((رأيتهم عند البراء يكتبون على أكفهم بالقصب)) (25).

أخبرنا محمد بن سعيد أخبرنا أبو وكيع عن عبد الله بن حنش قال: ((رأيتهم يكتبون عند البراء بأطراف القصب على أكفهم)) (26).

فماذا بعد هذا التصريح (؟!) وهل يكتبون عنده إلا العلم (؟!) وهل العلم إلا (قال الله، قال رسوله، قال الصحابة ليس بالتمويه) (؟!)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير