تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال زيد رضي الله عنه بعد أن أنيطت به هذه المهمة الصعبة: ((فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ)).

قال العمروني: فلو عاد الأمر إلى الأَوْلَى لما جمع القرآن، لأن هذا بخلاف فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكان ذهاب القراء بالموت، والقتل؛ له ذهاباً.

لكن لمَّا ترتبت وتأكدت منفعة ذلك، وأن به صلاح الدين، وحفظ كتاب الله؛ تعين جمعه، والتأليف بين أجزاءه.

ومن ذلك أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقرإ القرآن على ممسوس قط، وما صح ذلك عنه أبداً، وإنما كان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا جاء مريض يشتكي المس، ومن به جنة؛ أن يقول للجني المتلبس به: ((اخرج عدو الله أنا رسول الله))، كذا لم يقرأ على مسحور، أو معيون، بل يدعو للمريض، ويصك جنه وشيطانه، ويضرب صدره، فمن قال بالقراءة على مرضى السحر، والعين، ومن به جنة، فقد خالف الأولى، ومن اعترض فعليه الدليل.

والأمر منوط بجلب المصالح، ودفع المفاسد، فإن كان الفعل ينفع، ويدفع، أي تحققت مصلحته، وليس فيه مفسدة، ولا بدعة ولا شرك فما المانع إذن (؟) ولا شك أن الشريعة قد جاءت بهذه القاعدة العظيمة التي قررها أهل العلم، فهذا من مقاصد ديننا العظيم، الحنيف.

شواهد حديثية على جواز الكتابة تجويزاً للمصلحة، وأن الكتابة على الأجساد ليست منكرة شرعاً:

ومن ذلك ما ورد في صفة خاتم النبوة، قال الراوي: ((فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه فإذا هو مثل زر الحجلة) وفي بعض الرويات: ((كأنه بيضة الحمامة) وفي بعض الروايات مكتوب عليها: ((محمد رسول الله))، و ((سر فأنت المنصور))، وبغض النظر عما قاله الحافظ في (الفتح) من عدم ثبوت الكتابة على خاتم النبوة إلا أن الأمر ليس منكراً شرعاً؛ أقصد أن الكتابة قد تكون لحكمة تنفع البلاد، وتقي والعباد، ويؤيد ما قلت الأحاديث الصحيحة في صفة الدجال ووصفه، فقد جاء في الصحيحين كما عند البخاري أبي عبد الله: ((وإن بين عينيه مكتوب كافر) وعند أبي الحسين مسلم بن الحجاج: ((إنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه من كره عمله، أو يقرأه كل مؤمن) وعنده أيضاً: ((ومكتوب بين عينيه ك ف ر))، هكذا بحروف مقطعة، فدل هذا على أن الكتابة بين العيون وعلى الجلود ليست مستقبحة شرعاً، وليست مكروهة، بل قد تتعين كما هنا لما تترتب عليها من فوائد، وعوائد جمة، تنفع البلاد، وتقي العباد؛ شر الفتنة والفساد.

نكتة:

ومن عجب أن بعض من يقول بترك الكتابة على أجساد المرضى، ويرى أن هذا الفعل هو خلاف الأولى يرى جواز الاغتسال بماء الرقية في المراحيض، ودورات المياه، فلله أبوه (!)

وهل اغتسل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بماء الرقية في المراحيض، ودورات المياه (؟!)، وهل فعل أحد من الصحابة ذلك (؟!) أليس هذا بخلاف الأولى (؟) أليس الأولى تركه أيضاً (؟)

ولمن يقول بجواز الاغتسال بماء الرقية في المراحيض، ودورات المياه لغرض العلاج؛

نقول: هل يجوز التبول في هذا الماء (؟) هل يجوز التطهر به، وإماطة الأذى من بول وغائط (؟؟) أعتقد أن الجواب قياساً على ما يقولون: نعم (!) وإن قالوا: لا يجوز فقد تناقضوا (!) ولعمر إلهك إن قولهم بجواز الاغتسال بماء الرقية في المراحيض لفقه لعجيب، إذ يجيزون للمريض أن يغتسل، ويفيض ماء الرقية على جلده، وجسده في المرحاض، ولا يجوز له كتابة آية على جسده الطاهر وهو في بيت نومه، وسريره (!) وليس لهم في هذا الفقه من سلف، بل خلف يرى الضرورة، والمصلحة، وهل الضرورة، والمصلحة، تبيح هذا الذي تقولون، وتمنع الكتابة التي نقول (؟).

فحنانيكم لا تُحَجِّرُوا واسعاً وسعه الله، وقد جرى بالكتابة على اختلاف أنواعها عمل بعض الأئمة الذي يهدون بأمر الله، وهم مهتدون.

هذا وصلى الله على نبيه ومصطفاه

وكتب أبو عبيد العمروني

ــــــــــــــــ

(1) سورة الطور الآيات: (1 ـ 3).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير