بجواز المسح مطلقاً وهذا القول قال الإمام محمد بن الحسن والقاضي أبو يوسف صاحبا الإمام أبي حنيفة-رحمة الله عن الجميع- وقالوا يجوز المسح على الرقيق قياساً على الثخين وهذا القياس محل نظر؛ لأن من شرط صحة القياس أن لا يوجد الفارق المؤثر وهنا قد وجد الفارق وذلك أن الجورب الخفيف ليس كالجورب الثخين والجورب الثخين صح المسح عليه؛ لأنه كالخف الذي هو من الجلد.
وعلى هذا فإن الاحتياط في أمور الدين لا شك أن المسلم مطالب به في أعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة ولا يقبل الله صلاة العبد إلا إذا أدى الوضوء على الوجه المعتبر والشك في هذا النوع من الجوارب قوي مؤثر فالعمومات مخصصة بما عرف في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجرت به العادة في العصر الأول، وعلى ذلك فإنه لا يمسح على هذا النوع من الجوارب الخفيفة وأنت إذا تأملت الجورب الخفيف وتأملت القول بجواز المسح عليه فإنه يتبادر للذهن أنه لو مسح رجله لكان أولى من أن يمسح على الجورب وذلك لخفة الجورب وشفافيته حتى إن بعضها ليصف القدم ويصف البشرة كما هو معروف وموجود في زماننا.
وعلى هذا فإن الجوارب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسمان منهما يجوز المسح عليه: وهما الجورب الثخين الذي أسفله من الجلد والجورب الثخين الذي ليس بمجلد.
وأما القسم الثالث: فهو الجورب الخفيف الرقيق فإنه لا يجوز المسح عليه في قول جماهير السلف والخلف-رحمة الله على الجميع-.
وقوله 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - "والنعلين": قال بعض العلماء-رحمهم الله-: إن المراد بعطف النعلين على الجوربين أن الجورب في الغالب أن يلبسه الإنسان وتحته نعل وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يلبس النعلين ويحتذي بهما وكان من سنته لبسهما، ولذلك نهى أن يمشي الرجل وإحدى القدمين منتعل بها وذلك لكونه ظلما للرجل الأخرى وثبت عنه-عليه الصلاة والسلام-أنه مشى حافيا، ولذلك كان هديه-صلوات الله وسلامه عليه- في الغالب النعال وقيل لعبد الله بن مسعود صاحب النعلين؛ لأنه كان يحمل نعلي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهنيئا له بذلك الفضل والشرف فكان إذا أراد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يجلس المجلس خلع نعليه فأخذهما عبدالله 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ووضعهما تحت إبطيه وإذا تقدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خارجاً تقدم ابن مسعود ووضع له النعلين، وكان من هديه-صلوات الله وسلامه عليه- أن يلبس السبتية وهي النعل التي لا شعر فيها ففي الصحيحين من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- أنه سئل عن لباس السبتية فقال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -:"رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يلبسهما" أي يلبس السبتي من النعال وهي النعل التي لاشعر فيها، قال بعض العلماء: مسحه على النعلين والجوربين؛ لأنه يضع قدمه في النعل ولذلك لم يحتج أن يخلع النعل وهذا يقع إذا كان النعل لا يستر غالب القدم فيمسح حينئذ على ظاهر الخفين ويسري المسح على النعل تبعاً لا انفرادا وليس المراد أنه يمسح على النعل منفردا؛ لأنه لو جاز المسح على النعل منفردا لكان الواجب على المسلم أن يمسح قدميه لا أن يغسلهما.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:47 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا زيد، وحفظ اللهُ الشيخَ وعافاه ونفع بعلمه.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[14 - 01 - 08, 11:50 ص]ـ
بعض فتاوى أهل العلم في المسح على الجوربين –وإن كان حق هذه الفتاوى التقديم على شرح الشيخ الشنقيطي , ولكن الخطأ مني , وأنا أعلم يقينا أن هذا الصنع يسوؤه , ولكن عذري هو عدم القصد لذلك-:
الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله:
1/ هل يشترط في المسح على الجورب النية، أي: أنني إذا لبسته على طهارة وحان وقت الظهر ولم أنو أن أمسح عليه فهل تصح الصلاة وإن مسحت عليه، أم لابد من وجود النية قبل المسح؟
¥