تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الشيشاني]ــــــــ[15 - 01 - 08, 10:39 م]ـ

"خلق الله تعالى الدنانير والدراهم حاكمين ومتوسطين بين سائر الأموال حتى تقدر الأموال بهما، فيقال: هذا الجمل يسوي مائة دينار وهذا القدر من الزعفران يسوي مائة، فهما من حيث إنهما مساويان بشيء واحد إذن متساويان، وإنما أمكن التعديل بالنقدين إذ لا غرض في أعيانهما ولو كان في أعيانهما غرض ربما اقتضى خصوص ذلك الغرض في حق صاحب الغرض ترجيحاً ولم يقتض ذلك في حق من لا غرض له فلا ينتظم الأمر، فإذن خلقهما الله تعالى لتتداولهما الأيدي ويكونا حاكمين بين الأموال بالعدل ولحكمة أخرى وهي التوسل بهما إلى سائر الأشياء لأنهما عزيزان في أنفسهما ولا غرض في أعيانهما ونسبتهما إلى سائر الأحوال نسبة واحدة فمن ملكهما فكأنه ملك شيء لا كمن ملك ثوباً فإنه لم يملك إلا الثوب، فلو احتاج إلى طعام ربما لم يرغب صاحب الطعام في الثوب لأن غرضه في دابة مثلاً فاحتيج إلى شيء وهو في صورته كأنه ليس بشيء وهو معناه كأنه كل الأشياء، والشيء إنما تستوي نسبته إلى المختلفات إذا لم تكن له صورة خاصة يفيدها بخصوصها، كالمرآة لا لون لها، وتحكي كل لون فكذلك النقد لا غرض فيه وهو وسيلة إلى كل غرض، وكالحرف لا معنى له نفسه وتظهر به المعاني في غيره، فهذه هي الحكمة الثانية، وفيهما أيضاً حكم يطول ذكرها فكل من عمل فيهما عملاً لا يليق بالحكم بل يخالف الغرض المقصود بالحكم فقد كفر نعمة الله تعالى فيهما ...

وكل من عامل معاملة الربا على الدراهم والدنانير فقد كفر النعمة وظلم لأنهما خلقا لغيرهما لا لنفسهما إذ لا غرض في عينهما، فإذا اتجر في عينهما فقد اتخذهما مقصوداً على خلاف وضع الحكمة، إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم ...

فأما من معه نقد فلو جاز له أن يبيعه بالنقد فيتخذ التعامل على النقد غاية عمله فيبقى النقد مقيداً عنده وينزل منزلة المكنوز، وتقييد الحاكم والبريد الموصل إلى الغير ظلم، كما أن حبسه ظلم، فلا معنى لبيع النقد بالنقد إلا اتخاذ النقد مقصوداً للادخار وهو ظلم".

"إحياء علوم الدين" 3\ 192. (الشاملة)

"فَإِنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ، وَالثَّمَنُ هُوَ الْمِعْيَارُ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ تَقْوِيمُ الْأَمْوَالِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا مَضْبُوطًا لَا يَرْتَفِعُ وَلَا يَنْخَفِضُ؛ إذْ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ يَرْتَفِعُ وَيَنْخَفِضُ كَالسِّلَعِ لَمْ يَكُنْ لَنَا ثَمَنٌ نَعْتَبِرُ بِهِ الْمَبِيعَاتِ، بَلْ الْجَمِيعُ سِلَعٌ، وَحَاجَةُ النَّاسِ إلَى ثَمَنٍ يَعْتَبِرُونَ بِهِ الْمَبِيعَاتِ حَاجَةٌ ضَرُورِيَّةٌ عَامَّةٌ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِسِعْرٍ تُعْرَفُ بِهِ الْقِيمَةُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِثَمَنٍ تُقَوَّمُ بِهِ الْأَشْيَاءُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَقُومُ هُوَ بِغَيْرِهِ؛ إذْ يَصِيرُ سِلْعَةً يَرْتَفِعُ وَيَنْخَفِضُ، فَتَفْسُدُ مُعَامَلَاتُ النَّاسِ، وَيَقَعُ الْخُلْفُ، وَيَشْتَدُّ الضَّرَرُ، كَمَا رَأَيْت مِنْ فَسَادِ مُعَامَلَاتِهِمْ وَالضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِهِمْ حِينَ اُتُّخِذَتْ الْفُلُوسُ سِلْعَةً تُعَدُّ لِلرِّبْحِ فَعَمَّ الضَّرَرُ وَحَصَلَ الظُّلْمُ، وَلَوْ جَعَلْت ثَمَنًا وَاحِدًا لَا يَزْدَادُ وَلَا يَنْقُصُ بَلْ تَقُومُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَلَا تَقُومُ هِيَ بِغَيْرِهَا لِصُلْحِ أَمْرِ النَّاسِ، فَلَوْ أُبِيحَ رِبَا الْفَضْلِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ - مِثْلُ أَنْ يُعْطِيَ صِحَاحًا وَيَأْخُذَ مُكَسَّرَةً أَوْ خِفَافًا وَيَأْخُذَ ثِقَالًا أَكْثَرَ مِنْهَا - لَصَارَتْ مَتْجَرًا، أَوْ جَرَّ ذَلِكَ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ فِيهَا وَلَا بُدَّ؛ فَالْأَثْمَانُ لَا تُقْصَدُ لِأَعْيَانِهَا، بَلْ يُقْصَدُ التَّوَصُّلُ بِهَا إلَى السِّلَعِ، فَإِذَا صَارَتْ فِي أَنْفُسِهَا سِلَعًا تُقْصَدُ لِأَعْيَانِهَا فَسَدَ أَمْرُ النَّاسِ، وَهَذَا مَعْنًى مَعْقُولٌ يَخْتَصُّ بِالنُّقُودِ لَا يَتَعَدَّى إلَى سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ ".

"إعلام الموقعين" 2\ 241. (الشاملة)

ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[16 - 01 - 08, 07:35 ص]ـ

الأخ الشيشانى - وفقه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير