تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن ابن عباس {قال بينما النبيي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه " ([8]) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام الصيام لأنَّ فيه مصلحة دون القيام والبروز للشمس وعدم الكلام لأنَّه لا مصلحة فيها فهي مشاق محضة. والاعتبار فى ذلك بما جاء به الكتاب والسنة

لا بما يستحسنه المرء أو يجده أو يراه من الأمور المخالفة للكتاب والسنة

متى يثاب على المشقة:

المشقة ليست مطلوبة شرعاُ فليست من القرب التي يتقرب بها إلى الله لكن

إذا كانت العبادة لا تتأتى إلا بالمشقة أو تعرض هذه المشقة في العبادة

فيؤجر عليها كشخص داره بعيدة عن المسجد فيؤجر على هذه المشقة أكثر من شخص داره قريبة من المسجد لكن لا يقال لمن داره قريبة من المسجد اذهب إلى

المسجد الأبعد. وكذلك الطهارة في شدة البرد يثاب عليها لكن لا يتوضأ

بالماء البارد مع وجود الماء الساخن وكذلك المشقة التي تحصل في الجهاد

والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم وغير ذلك فيثاب عليها

لأنَّها وسيلة إلى العبادة ولا تحصل العبادة أحياناً إلا بها ..

قال العز بن عبد السلام: إن قيل ما ضابط الفعل الشاق الذي يؤجر عليه

أكثر مما يؤجر على الخفيف قلت إذا اتحدا في الشرف والشرائط والسنن

والأركان وكان أحدهما شاقا فقد استويا في أجرهما لتساويهما في جميع

الوظائف وانفرد أحدهما بتحمل المشقة لأجل الله سبحانه وتعالى على تحمل

المشقة لا على عين المشاق إذ لا يصح التقرب بالمشاق لأن القرب كلها تعظيم

للرب سبحانه وتعالى وليس عين المشاق تعظيما ولا توقيرا … وذلك كالاغتسال في الصيف والربيع بالنسبة إلى الاغتسال في شدة برد الشتاء فإن أجرهما سواء لتساويهما في الشرائط والسنن والأركان ويزيد اجر الاغتسال في الشتاء لأجل تحمل مشقة البرد فليس التفاوت في نفس الغسلين وإنما التفاوت فيمالزم عنهما وكذلك مشاق الوسائل في من يقصد المساجد والحج والغزو من مسافةقريبة وآخر يقصد هذه العبادات من مسافة بعيدة فإنهما يتفاوتان بتفاوت

الوسيلة ويتساويان من جهة القيام بسنن هذه العبادات وشرائطها وأركانها

فإن الشرع يثيب على الوسائل إلى الطاعات كما يثيب على المقاصد مع تفاوت

أجور الوسائل والمقاصد ([9])

الإجابة عن حديث عائشة:

عن عائشة رضي اللهم عنها قالت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك فقيل لها انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي ثم ائتينا بمكان كذا ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك " ([10])

فالمراد بحديث عائشة على قدر النصب الذي لا يذمه الشرع وهو ما لا تتأتى

العبادة إلا به والله أعلم.فعائشة خرجت للتنعيم راكبة أردفها أخوها

عبدالرحمن وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج إلى التنعيم وهو أدنى الحل من جهةالمدينة ولم يأمرها أن تذهب إلى مكان بعيد كالجعرانة مثلاً. والنفقة إذا

تجاوز بها المشروع لم يثب عليها فظهر أنَّ ليس كل مشقة يثاب عليها كما

أنَّه ليس كل نفقة يؤجر عليها.

وقال العز بن عبدالسلام: هذا مشكوك فيه هل قال على قدر نصبك أو قال

نفقتك فان كان الواقع قوله على قدر نفقتك فلا شك أن ما ينفق في طاعة الله

يفرق بين قليله وكثيره وان كان الواقع قوله على قدر نصبك فيجب أن يكون

التقدير على قدر تحمل نصبك لما ذكرناه ([11])

وقال الشاطبي: فالجواب أن نقول أولا إن هذه أخبار آحاد في قضية واحدة لا

ينتظم منها استقراء قطعي والظنيات لا تعارض القطعيات ([12]).

كتبه أحمد بن عبد الرحمن الزومان


([1]) مجموع الفتاوى (25/ 282)

([2]) مجموع الفتاوى (23/ 313). وانظر: مجموع الفتاوى (10/ 620ـ621)،
(25/ 281)، وقواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 29) (26/ 37) وفتح الباري
(2/ 17)، (4/ 126) والفروق (2/ 131) وقواعد المقرئ (2/ 411) والشرح الممتع
(4/ 215)، (6/ 485ـ486)

([3]) رواه مسلم (2692).

([4]) رواه البخاري (9) ومسلم (35) واللفظ له.

([5]) رواه البخاري (780) ومسلم (410).

([6]) رواه البخاري (1521) ومسلم (1350).

([7]) الموافقات (2/ 98).

([8]) رواه البخاري (6704).

([9]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 30).

وانظر: مجموع الفتاوى (10/ 622)، (22/ 313ـ315)، (25/ 283) والموافقات
(2/ 97) و الفروق للقرافي (2/ 131) والشرح الممتع (4/ 215)، (6/ 485ـ486).

([10]) رواه البخاري (1787) ومسلم (1211).

تنبيه: وردت بعض الأحاديث التي قد يُفْهَم منها تشوف الشارع إلى المشقة
. وللإجابة عليها انظر: الموافقات (2/ 100ـ101)

([11]) قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 31).

قال العيني في عمدة القاري (8/ 300) كلمة (أو) إما للتنويع في كلام الرسول
r أو شك من الراوي وقد روي فيه ما يدل على كل واحد من النوعين ….

([12]) الموافقات (2/ 100)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير