[فقهاء: القنوت لأهل غزة سنة مؤكدة والدعاء لهم واجب]
ـ[د. خالد الدعيجي]ــــــــ[24 - 01 - 08, 04:47 م]ـ
خاص موقع الفقه الإسلامي www.islamfeqh.com (http://www.islamfeqh.com)
أحد السكان في غزة يصرخ ويقول: " الموت أرحم، لان العذاب الذي يعيشه أبناء القطاع لا يطاق. فما هو أصعب من الموت أن تشاهد طفلك الجريح يذوي أمامك ويغرق في غيبوبة الموت، دون أن تستطيع أن تفعل له أي شيء. فلا كهرباء ولا دواء ولا غرف عمليات، لا شيء علي الإطلاق غير الموت"
هكذا هي أحداث غزة هذه الأيام فإذا ما هدأ سقوط الصواريخ عليهم من كل حدب وصوب، أطلقت عليهم المدافع نيرانها كوابل من المطر، فإذا تبقى منهم أحد فالقناصة لهم بالمرصاد، أما البقية الباقية من النساء القصّر والأطفال الرضّع والشيوخ الركع والمرضى الذين يعاينون الموت نهاراً جهاراً فإن الحصار وقطع الكهرباء والماء وشدة البرد، وقطع أسباب الحياة كلياً تنتظرهم، فقد أوقف الوقود والغاز والدواء والطعام بشكل محكم،
فهناك الآن أكثر من أربعمائة جريح فلسطيني نصفهم من الأطفال، يرقدون في العراء، وسط برد قارس، ودون أي أمل في إنقاذهم. حتى ثلاجات الموتي والشهداء توقفت عن العمل، فكيف تعمل دون كهرباء؟
ومع هذه النازلة العظيمة التي تمر بها غزة، يتساءل كثير من الأئمة والخطباء هل يشرع لإخواننا في غزة القنوت في الصلوات أم لا بد من إذن من ولي الأمر؟
ولهذا طرح موقع الفقه الإسلامي هذا السؤال على مجموعة من أعضاء الرابطة الفقهية في الموقع فكانت إجابتهم كالتالي:
أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي محي الدين القره داغي الخبير في مجمع الفقه الإسلامي بأن القنوت مشروع ويستحب في نازلة إخواننا في غزة، وأنه أقل واجب يقوم به إمام المسجد هو القنوت لهم.
وأكد فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي أستاذ الفقه في المعهد العالي للقضاء أن واجبنا تجاه إخواننا في غزة هو الدعاء لهم بظهر الغيب من كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وأما القنوت من أئمة المساجد فهو مشروع ما لم يرد منع صريح من ولي الأمر ولا أظن أنه يأتي منع وحال إخواننا يرثي لها حتى الكفار فكيف بالمسلمين.
وبين فضيلة الشيخ الدكتور يوسف الأحمد أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأنه يشرع قنوت النازلة لإخواننا المسلمين في غزة. وثبت القنوت أنه في الركعة الأخيرة بعد الرفع من الركوع، والسنة أن يكون يسيراً ومقتصراً على النازلة. وثبت قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الصلوات الخمس، فثبت في الفجر والمغرب من حديث أنس، وفي الظهر والعشاء من حديث أبي هريرة وكلاهما في صحيح البخاري، وثبت في العصر من حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود بإسناد جيد.
ويرى الدكتور عبد الكريم الخضر أستاذ الفقه بجامعة القصيم أن الدعاء لإخواننا في غزة واجب، وهو أقل ما يقدمه المسلم لأخيه المسلم، أما القنوت لهم فهو سنة مؤكدة، ولا يلزم إذن الحاكم في العبادات لأن الحاكم وكيل عن الأمة يرعى مصالحها، وليس من حق الوكيل تقييد الموكل خاصة في العبادات.
وعندما طرح موقع الفقه الإسلامي سؤالاً على الشيخ سليمان الماجد القاضي بالمحكمة الجزئية بالرياض قال: مصاب أهلنا في غزة نازلة عظيمة وكارثة كبيرة اجتمع فيها عدوان يهود، ومصاب إخواننا بالحصار والتضييق والحرب والتوغلات الغاشمة وتجريف المزارع وقطع الكهرباء؛ فالقنوت لهم مشروع ... فرّج الله كربتهم، ونصرهم على من بغى عليهم.
وقال الدكتور عبد القادر قوته أستاذ الفقه بجامعة الملك عبد العزيز: النصرة للمسلم واجبة لحديث: " انصر أخاك ... " بل لغير المسلم إذا كان مظلوماً، وأقل أفراد النصرة الدعاء، والقنوت في النوازل مشروع بالإجماع، وأي نازلة ونائبة أكبر مما يقع لإهلنا في فلسطين!.
وممن أكد على مشروعية القنوت لإخواننا في غزة الدكتور توفيق الشريف أستاذ الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة حيث قال: إن أقل ما يقدمه المسلم لأخيه المسلم المظلوم، والمغلوب على أمره هو الدعاء فما بالك بإخواننا المسلمين في فلسطين عموماً وفي غزة خصوصاً الذين يتعرضون لكل أنواع الظلم والقهر والتعذيب {وما نقموا منهم إلا أن يقولوا ربنا لله} فالواجب على المسلمين عموماً وأئمة المساجد خصوصاً القنوت والتضرع للقوي المنتقم بأن يرفع الغمة عن إخواننا المسلمين في غزة.
ونختم بما ذكره الدكتور صالح السلطان أستاذ الفقه بجامعة القصيم حيث قال: القنوت في مثل هذه الأحوال مشروع لأن ما يحصل في غزة من حصر وقتل وهدم وتشريد وتضييق على الناس في كل شئون حياتهم من أعظم النوازل وأشدها، وقنوت الرسول صلى الله عليه وسلم في النوازل معلوم مشهور، بل ربما قنت فيما هو دون ذلك.
وهذه مشاركة للشيخ الدكتور قيس المبارك أستاذ الفقه بجامعة الملك فيصل بالأحساء:
" الأصل في القنوت أنه تضرُّع ودعاء يقع داخل الصلاة، وهو مشروع باتفاق الفقهاء، غير أنهم اختلفوا، هل هو لسبب عارض يُقنت بوجوده ويزول بزوال سببه، وهو مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، أم أنه لمعنىً دائم بحيث يدوم القنوت بدوامه، وهو وجود الأعداء والخوف من اعتدائهم، وهو ما ذهب إليه الإمام مالك والشافعي في صلاة الصُّبح، مستندين إلى حديث أنس رضي الله عنه قال: لم يزل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتي فارق الدنيا، وهو حديث قال عنه الإمام النووي في المجموع (3/ 504):حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، ورواه الدار قطني بأسانيد صحيحه، انظر الفتح الرباني 3/ 202، ومستندين على استمرار عمل الخلفاء الراشدين عليه.
وعليه فالقنوت في هذه الأيام يجري على أقوال جميع الفقهاء، إلى أن تنفرج الأزمة ويفرج عن أهلنا في غزة، ومعلوم أن الدعاء من قنوت وغيره مطلوب مع بذل أسباب النصر لا مع القعود أسأل الله ألا يجعلنا من القاعدين.
وغاية القنوت النَّدب، فهو مستحب وليس بواجب، وأيُّ دعاء أتى به المسلم في هذا الموضع أصاب فيه السنة، فلَفْظُهُ واسع، ومحلُّه قبل الركوع عند بعض الفقهاء، أو بعده عند البعض الآخر، وهو اختيار سيدنا عمر رضي الله عنه رفقا بالمصلين لإدراك الركعة." أهـ
¥