تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: ولا فرق بين أن يكون اللمس أو المصافحة أو التقبيل بشهوة أو بغير شهوة لأن النظر أصلاً حرام مطلقاً كما هو مذهب الجمهور، ولو كان النظر بغير شهوة جائزا لما أمر الله بغض البصر تصريحاً، ولاكتفى بنهينا عن الاقتراب من الزنا بقوله: ?وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً? [الإسراء:32]، لأن النظر إن كان بشهوة يقرب من الزنا فهو داخل في النهي، فلا حاجة للنهي عنه بخصوصه.

على أن افتراض اللمس والمصافحة والتقبيل بدون شهوة غير حاصل عند أهل الفطر السوية والطباع السليمة الذين لم يصابوا بما يسمونه بالبرود الجنسي الذي فشا في هذا الزمان بسبب كثرة الاختلاط وشيوع التبرج والسفور.

[انظر في ذلك رسالة المجتمع المختلط للدكتور محمد محمد حسين وهي مطبوعة مع مجموعة من الرسائل جمعها الدكتور المقدم].

كيف وقد قال الله تعالى: وقَالَ َتَعَالَى: ? وخُلقَ الإنسَانُ ضَعِيفَاً ? [النساء: 14]. قَالَ التَّابِعِيُّ الجَليلُ طَاوُسُ بنُ كَيْسَانَ اليَمَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: "أيْ: ضَعِيفَاً في أمْرِ النِّسَاءِ، لَيْسَ يَكُونُ الإنْسَانُ فِيْ شَيءٍ أضْعفَ مِنْهُ فِيْ النِّسَاءِ" [أخرَجَهُ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ أبي حَاتمٍ (5219) وعَبْدُ الرَّزَّاقِ (1/ 154) في «تَفاسِيرِهِم»].

وَعَنِ ابنِ طَاوسٍ عَنْ أبِيهَ: "كَانَ إذا نَظَرَ إلى النِّسَاءِ لَمْ يَصْبرْ عَنهُنَّ! ".

وَعَنْ سُفيَانَ الثَّورِيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى أنَّهُ قَالَ فِي تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: "المَرأةُ تَمُرُّ بِالرَّجُلِ فَلا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنِ النَّظَرِ إليْهَا، وَلا يَنْتَفِعُ بِهَا، فَأيُّ شَيءٍ أضْعَفُ مِنْ هَذَا؟! " «ذَمِّ الهَوَى» ص164 ..

وَقَالَ النَّبِىِّ ? قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" [أخْرَجَهُ أَحْمَدُ (21794، 21878) والْبُخَارِيُّ (4808 – ت: البُغا) ومُسْلمٌ (2741) والتَّرمِذيُّ (2708) وابنُ مَاجَه (3998)].

وَعَنْ أَبِى سَعِيدِ الْخُدْرِيِِّ ? عَنِ النَّبِىِّ ? قَالَ:"إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ - وَفِي رِوَايَةٍ: لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ -، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ" [أخْرَجَهُ مُسْلمٌ (2742) والتَّرمِذيُّ (2191) وقوله ?: "حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ" أي: نَاعِمَةٌ غَضَّةٌ طَرِيَّةٌ طَيِّبَةٌ].

وَعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ ? أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? قَالَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِى صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِى صُورَةِ شَيْطَانٍ " [أخْرَجَهُ أَحْمَدُ (14577) ومُسْلمٌ (1403) والتَّرمِذيُّ (1158) وأَبُو دَاوُدَ (2151)].

وتأمل حال السلف في الخوف على انفسهم من فتنة النساء وهم أخوف الناس من الله فهذا التَّابِعِيُّ الجَليلُ سَعيدُ بنُ المُسَيِّبِ رَحِمَهُمُ الله تَعَالَى قَالَ: "مَا يَئِسَ الشَّيْطَانُ مِنَ شَيءٍ إلا أتَاهُ مِن قِبَلِ النِّسَاءِ". قَالَ عَليِّ بنِ زَيدٍ: قال لَنَا سَعيدٌ وَهُوَ ابنُ أربَعٍ وَثمانينَ سَنَةً وَقَدْ ذَهَبَتْ إحدَى عَينَيهِ وَهُوَ يَعشُو بِالأُخرَى: "مَا مِنْ شَيءٍ أخوَف عِندِيْ مِنَ النِّسَاءِ! ".

وَعَنْ يُوسُفَ بِنِ أسَبَاطَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى يَقُولُ: "لَوِ ائتَمَنَنِي رَجُلٌ عَلَى بَيتِ مَالٍ لظَنَنْتُ أنْ أؤدِّيَ إليهِ الأمَانَةَ، ولو ائتَمَنَنِي عَلَى زِنجِيَّةٍ أنْ أخْلُوَ مَعَهَا سَاعَةً وَاحِدَةً مَا ائتمَنتُ نَفْسِي عَلَيْهَا. وَقَدْ سَمِعتُ الشَّيخَ الصَّالِحَ سُفيَانَ الثَّورِيَّ يَقُولُ: ما بَعثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّاً إلا وَقَدْ تَخوَّفَ عَليْهِ الفِتنَةَ مِنَ النِّسَاءِ". ذكر ذلك ابن الجوزي في ذم الهوى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير